السبت، 27 فبراير 2021

الجحيم ؛ بقلم الإعلامية الشاعرة القديرة / نادية بوشولوش عمران ( المغرب 🇲🇦 )


 الجحيم .  

تقول لي :
لما سكلتني في هذا
لما جعلتني بطلا من الألام
أين هي تلك الألوان, و تلك الأحلام
تقديرا على هذا الوضع الذي أقحمتني فيه
أقولها لك
أكرهك.
أكرهك
أكرهك 
محالا , الآن أن أحبك يا أيها الكاتب أنت تثير سوى الجدل و لا غير ذلك .
........................................................
يأخدونك خزنتها بعد الرحلة الأولى بعد نهاية حياتك إليها ....
مسافرون بتذاكر من درجة سيدي أعمال من الطراز الرفيع
حجز ،مضمون راقيا جدا ، تتسلل من بين الجموع تنظر إلى ساعتك ,متسائلا في هذا الطابور العظيم المليئ بشتى أشكال و جنسيات  الناس الذين ينتظرون مثلك ،هناك من تعرفهم ،و هنالك من لا ،أشكالهم غريبة جدا ، لباسهم غريب من مختلف العصور و الأحقاب و الأزمنة و كأنهم آتوا من عصور مختلفة ، متجمعون على الطرقات ،ينتظرون بروز الطائرات ،بينما طائرات تقلع و أخرى تحط على الميناء الجوي ، طائرات ضخمة جدا تحتوي الملايين ,  ينزل منها أفواجا أخرى تكتظ المساحات فيضيق المكان  تشعر بالغثيان و بخاجة لإخراج آخر شيء قاسي جدا و أنت وجهك كظيم
وجبة عشاء من معدتك ،  تشعر بالرغبة في الهروب لكن إلى أين , هنا لا مفر و لا هروب
قف في مكانك , أنا من يقرر ذلك , أنا الكاتب , ما أنت إلا شخصية ورقية وهمية , يحلو لي ما اشاء أنا , أنت لا 
تنتظر و وجهك يصبح أصفر تختنق , فكثرة الأشخاص يقلل من الأوكسجين  هناك ، مع حرارة المكان ، تضيق الحريات  ،تتوه في تلك المنعرجات   . تطوف مظيفة طيران بملابس حمراء ، لتقدم مشروبات  غازية في كؤوس من نار 🔥و ماء مهل في قنينات زجاجية , ماء يشوي الوجوه  بدون محالة ,مع قطعة من كعك الزقوم  ،  تمر من قربك مظيفة الطيران مبتسمة  و تسألك بلطف :
سيدي ، عفوا ، هل تحتاج للمساعدة ، هل تريد عصيرا لقصب السكر الساخن 
تبتسم لك  و بعينيها تغمزك .
لا تدرك ماذا أرادت ، فأنت اليوم مشغول  ,تنظر  مرة أخرى لساعتك و أنت قلق ، و ترمق الساعة الكبيرة على حائط المطار ، تحاول ظبط ساعتك عليها ، لكنك تزداد قلقا ، فالساعة هنا لا تشبه الساعات و الزمن لا يشبه زماننا نحن , كل شيء مختلف جدا   و لا أحد يعرف تماما كم هي الساعة الآن ، 
نعم صدقني ، كل شيء مختلف تماما هنا ، مختلف  ، مكتظ  ، ساق بساق و قدم على قدم 
و أنت هناك ، ما بين عيون تنظر و أخرى ،ناظرة ناضرة  ، تشتهي فنجان من القهوة الساخنة مع قطعة من المعجنات الممزوجة بالشكولاته اللذيذة  ( الكرواصة ) تشتهي أشياءا جميلة  ، و تتذكر ماريا كراسيا ، التي كانت يوم تشرب قهوة الصبح معك في الكاتينا ، هنالك ببلدتك الصغيرة عند أول كل صبح . تحاول البحث عن هاتفك النقال في سترة معطفك ، لكي تهاتفها ، و بالكاد تخرج الهاتف ، و تمر مظيفة الطيران ، تهمس لك  بصوت رخيم مشيرة بأناملها الطويلة جدا ....
الهاتف ممنوع هنا ، ستشوش على ردار الطائرات .
تمثتل للأمر ، صامتا  
تتساءل ، ربي أين أنا ،و ماهذا المكان الغريب ، هنا ؟!!!
أقوام من مختلف الجنسيات و الألوان و العصور ، كل قوم على حدى في أماكن متفرقة ، هنا و أنت تتفحص بعينيك كل شيء ،يتمر عليك أناس تعرفهم النار تتاجج
تبتسم
تغيظ
تقتلع اللحم و الجلد و تكسر العظام و هي حية , هنا فقط ألم صداع  أنين , عذاب وجع و ما أقساه من وجع مكلوم 
تستدرك نفسك قليلال و تمر على قوم تعرفهم و لا يعرفونك بزي عسكري يتكلمون اللغة الألمانية و في أيديهم أسلحة نارية ، على رأسهم شخص عسكري معروف جدا ،فعلا تعرفه ،هو هتلر ، وجوههم مسودة ،كتب على جبينهم مجرمي حرب  ، يتجادلون فيما بينهم ،يتساؤلون عن من قام بقتل الملايين في الحرب لعالمية التانية و من شرد و أعدم بدون إحساس نساء و أطفال و شيوخ و عجزة , هتلر يطلب منهم الولاء , هم من فزعهم يبتعدون منه 
لا ولاء لهتلر , لا ولاء للنازية و نحن في النار الولاء لله وحده .
تدعهم في لغيهم يتجادلون ،و تمر عينك لتتفحص قوم آخرين تعرفهم كذلك بزيهم العسكري الروسي  على فرسهم كذلك يتجادلون هناك لنين و ألكسندر نيفسكي  ميخائيل كوتوزوف و ستالين ، قوم قتلة  جبارين عاتيين و هم أكيد في الدرك الأسفل من النار .
و أنت  بزيك الرسمي لرجال الأعمال ،و لقتل الوقت ،تتقدم ماشيا بين الأقوام و الناس ،حتى تصل لأقوام أخرى من عصور أخرى تعرفهم بسيماههم ،قوم يتكلمون اللغة الإيطالية ،قوم مختلطبن بين جنود عسكريين يتحاورون يتجادلون معه تعلوا أصواتهم كظما و غضبا  مع قائدهم بزي رسمي عسكري و انت أكيد قد عرفته إنهبينيتو موسوليني كل واحد يلوم الاخر
تدعهم في جدلهم و في سخطهم عليه ماشيا بين أقوام أخرى ,  مختلفي القوميات ،بلباسهم الأحمر و بلباس روماني , نعم بلا شك قد عرفتهم يا صديقي هم الرومان و على رأسهم الإمبراطورات الأربع قيصر سيسر ، نيرون الشرير السفاك للدماء ، و سيرفيوس سولبيشوس ، تيتوس  و غيرهم من القتلة ، مجرمين مشفقين على أرواحهم بينهم يتحاورون على من كان المسؤول في ذاك الظلم ....ظلم اقوام كثيرة من أجل المال و الثروة و الغنى الفاحش , لقد دهب كل شيء يا سيسر و بقي الظلم هنا ستصلي نارا عليها ملائكة شداد , كلما حاولت يا سيسر الخروج منها أعادوك إليها 
تبتسم و تعود مارا من هناك على أقوام أثينا و الإغريقي ، و الأسباط و قوم لوط و قوم عاد أكيد قد لمحت قصصهم و قد تذكرتهم من قصص الكتب السماوية ، و أنت مار ، هنالك ، تجد خدم و حشم و عروش تستوي على نار 🔥 بقربها  فراعنة يعرضون على النار بالصبح و بالعشية ، من بعض الفراعنة هنالك فرعون  زيركسيس الأول  توت عنخ آمون إخناتون و  كليوباترا 
تبتسم بخبث  مسافرا على وديان نار تلتهب ترى فيها الشياطيين بالاصفاد غلى الأذقان و جحيم متذفق من السحرة و الجن في درك اسفل منها 
يشدك الخوف و أنت ترى عقارب من النار تلذغ أقوام يأجوج و أجوج , صياح رهيب مخلوط بدماء مسفوكة سوداء , و كتب على رماد و نار و فحم أسود ودخان متطاير تفتحها ملائكة شداد , تدرك بأنه عذاب أليم .... تتطاير طيور غريبة من نار حتى طائر الفينق يأخد بنواصي ناس من ثلة من الأخرين يرمون بها إلى قعر وادي النار بدون شفقة و لا رحمة هو العذاب يتاجج , تلك النار تلتهم ما قد كتب في الصحف و تأخد اقواما بالنواصي و بالأقدام إلى نار سوداء وقودها ناس و حجارة 
نعم يا صديقي ثلة من الأولين و الكثير من الأخرين ينتظرون الدور
نظرت لي و سألتني لما كتبتك في قصة من  الجحيم , لمتني و عذلتني , إنزعجت مني و من فكرتي و أسلوبي و من فلسفتي , 
قلت لي لقد ظلمتني , لما لم تجعلني بطلا من قصص الحب  الجميلة الراقية , لما يا أيها الكاتب رميتني في قصص من قصص الجحيم ,
نعم يا صديقي , اليوم لم ـأكن معك رحيمة , لقد جعلتك بطلا تراديجيا من قصة قد تكون واقعة في الغيب , أو قد تكن قصة من الحلم و من تلك الكوابيس الليلية المزعجة , أنا آسف لكنني أردت أن أرى بطلي اليوم كيف سيتصرف في هاته القصة, هذا لربما حب أناني من طرف كاتب متمرس , كاتب يريد الإيذاء لابطاله , أو نرجسية , فالكاتب يملك كل الخيوط ليحرك كل أبطاله كما يهوى و كما يشاء .... 
و إبتسمت لك
بكيت تنظر لساعتك و إلى ذاك الوادي الذي تتفجر ناره , سواط عذاب صياح الم و نار حارقة تشوي الوجوه
قلت لي :
أنت كاتب متمرد جبار , كاتب لا يملك قلب , أنت يا ايها الكاتب كالنار تحرق  الحي و الهشيم لا تميز ابدا من يهواك و يحبك و يقدسك , و لا تحب أحدا 
لا أحبك يا ايها الكاتب , لا أحب ما كتبته , أقحمتني في  عالم الجحيم .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بلال صبري يعلن موعد عرض "أوراق التاروت" في يناير المقبل بمشاركة رانيا يوسف وسمية الخشاب ومي سليم

  أكد المنتج بلال صبري أن فيلمه المنتظر "أوراق التاروت" سيُعرض في 10 يناير المقبل، مُشيدًا بأداء طاقم العمل المميز الذي يضم كوكبة ...