ح
بقلم د - خالد السلامي
عندما يتعلق الأمر بمكافحة جرائم الاتجار بالبشـر، تقف دولة الإمارات العربية المتحدة في مقدمة الدول التي تسعى بقوة وإصـرار للقضاء على هذه الجريمة البشعة. فقد حققت الدولة العديد من الإنجازات في هذا الجانب، وتواصل جهودها وتطوير استراتيجياتها للحد من آثار هذه الظاهرة المروعة.
يعتبر الاتجار بالبشـر جريمة عالمية يرتكبها البعض، سواء أفرادًا أو مجموعات منظمة، بهدف بيع البشـر واستغلالهم لتحقيق الربح. تعتبر الإمارات هذه الجريمة من أكثر الجرائم انتهاكًا لحقوق الإنسان، ولذلك قامت باتخاذ إجراءات قوية لمكافحتها على المستوى الوطني والدولي.
ضحايا الاتجار بالبشـر يعانون من وضع صعب ومؤلم، حيث يفقدون حريتهم وكرامتهم الإنسانية. فهم يعرضون لظروف بشعة ومعاملة قاسـية، بما في ذلك الاحتجاز القسري، والعمل القاسـي وغير الأخلاقي، والاستغلال الجنسـي، والاتجار بالأعضاء. ويمرون بتجارب نفسـية صعبة، فضلاً عن التهديدات المستمرة التي تواجههم وعائلاتهم في حالة محاولتهم الهروب أو الإفصاح عن جرائم المتاجرين.
منذ صدور القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 الذي يتعلق بمكافحة جرائم الاتجار بالبشـر وتعديلاته، وتصديق الدولة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكول باليرمو منذ عام 2004، وإنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشـر، واعتماد الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشـر، تسعى دولة الإمارات بجدية لتحقيق أهداف هذه الاستراتيجية المبنية على خمس ركائز رئيسة:
· الوقاية والمنع: تشمل الجهود الرامية لتوعية المجتمع وتثقيفه بمخاطر الاتجار بالبشـر وكيفية التعرف عليها والإبلاغ عنها.
· الملاحقة القضائية والعقاب: تتضمن تشديد العقوبات على المتجارين بالبشـر والقضاء عليهم بالاشتراك مع الجهات القضائية الدولية.
· حماية الضحايا: تقديم الرعاية والدعم لضحايا الاتجار بالبشـر وإعادة إدماجهم في المجتمع.
· تعزيز التعاون الدولي: العمل بالتعاون مع الحكومات الأخرى والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية لمواجهة هذه الجريمة عبر الحدود.
· تحسـين الخطط والإجراءات: مراجعة وتطوير السـياسات والإجراءات المتبعة لمكافحة جرائم الاتجار بالبشـر لضمان فاعلية الجهود المبذولة.
تأتي هذه الجهود تأكيدًا على التزام دولة الإمارات بحماية حقوق الإنسان وتعزيز العدالة الاجتماعية. فبفضل هذه الجهود الراسخة، تمكنت الدولة من قطع شوط كبير في مكافحة جرائم الاتجار بالبشـر، وأثبتت أنها تعتبر هذا التحدي جزءًا لا يتجزأ من رؤيتها لتحقيق تطور مستدام ومجتمع مزدهر.
تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة بنشاط لمكافحة جرائم الاتجار بالبشـر، وتضمنت جهودها إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة جرائم الاتجار بالبشـر. كما قامت بتأسـيس مراكز للإيواء والرعاية الإنسانية لتقديم الدعم والحماية لضحايا هذه الجريمة. تعزز دولة الإمارات أيضًا التعاون الدولي والتنسـيق مع منظمات دولية لمكافحة هذه الظاهرة عبر الحدود.
تعتبر التوعية والتثقيف أحد الأدوات الرئيسـية في مكافحة جرائم الاتجار بالبشـر. يجب أن تستهدف الجهود التوعوية المجتمع بشكل عام، والشباب والنساء بشكل خاص. يمكن تنظيم حملات توعوية تهدف إلى تسليط الضوء على خطورة هذه الجريمة وطرق الوقاية منها، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الحالات المشتبه بها.
تواجه مكافحة جرائم الاتجار بالبشـر تحديات متعددة في المستقبل، ولذلك يتطلب الأمر التعاون المستمر بين الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني. يجب أن تستمر الدولة في تطوير الإجراءات القانونية وتحسـين السـياسات المتعلقة بمكافحة جرائم الاتجار بالبشـر، بالإضافة إلى توفير الدعم اللازم لضحايا هذه الجريمة.
ومع استمرار الدولة في محاربة تلك الجريمة، تشكل الأزمة الاقتصادية التي نجمت عن جائحة كوفيد-19 الماضية تحديًا إضافيًا، حيث ارتفعت معدلات البطالة وتوسعت التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، مما يجعل بعض الأفراد عُرضة للخطر بشكل أكبر. ومن أجل التصدي لهذه التحديات، تواصل الإمارات توفير الدعم والرعاية لضحايا الاتجار بالبشـر وتسعى لتحسـين آليات التعامل مع هذه الأزمة.
من جهة أخرى، فإن الإسلام واجه مشاكل الأسر والاستغلال الجنسـي بصـراحة وحزم، حيث يُعتبر الفساد الذي يؤدي إلى الاتجار بالبشـر من المحظورات الشـرعية، وتُعاقب عليه الشريعة الإسلامية.
في الختام، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تتجه نحو مستقبل أكثر إشـراقًا في مكافحة جريمة الاتجار بالبشـر. ومن خلال تعاونها الوثيق مع المنظمات الدولية وشـركائها الدوليين، تسعى الإمارات لتعزيز العمل العالمي في مواجهة هذه الظاهرة المشينة. هذه الجهود الحثيثة ليست فقط لحماية المجتمع الإماراتي، بل أيضًا لدعم العدالة والإنسانية في كل ركن من أركان العالم.
كما تعكس جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مكافحة جرائم الاتجار بالبشـر التزامها القوي بحماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية. إن تصديها لهذه الجريمة اللاإنسانية يشكل قدوة للدول الأخرى في المنطقة وحول العالم. من الضـروري أن نستمر في نشـر الوعي والتوعية بخطورة هذه الظاهرة والعمل بقوة للقضاء عليها وحماية الضحايا وإعادة كرامتهم وحقوقهم الإنسانية.
يجب أن نتذكر دائمًا أن مكافحة جريمة الاتجار بالبشـر مسؤولية مشتركة تتطلب تعاون الحكومات والمجتمعات والأفراد جميعًا. علينا أن نقف متحدين ضد هذه الظاهرة اللاإنسانية ونعمل بجد للقضاء عليها نهائيًا.
المستشار الدكتور خالد السلامي -، سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وعضو الامانه العامه للمركز الأوروبي لحقوق الإنسان والتعاون الدولي وعضو التحالف الدولي للمحامين والمستشاريين الدوليين .