بقلم د : خالد السلامي
21-06-2024
يحتفل العالم بيوم الأب تعبيراً عن التقدير والحب للأب، الشخصية التي تلعب دوراً محورياً في تكوين الأسرة وبناء المجتمع. في مجتمعاتنا الشرقية، يحتل الأب مكانة متميزة تعكس القيم العريقة والتقاليد الراسخة التي تشد على أيدي الآباء وتدعمهم في أداء دورهم.
منذ الأزل، ارتبطت صورة الأب في المجتمعات الشرقية بالقوة والحماية، حيث يُنظر إليه كركيزة أساسية في بناء الأسرة وتوجيهها نحو القيم والأخلاق. يقوم الأب بتوفير الحماية والرعاية لأسرته، ويعمل جاهداً لتأمين مستقبل أفضل لأبنائه. إنه السند والمرشد، الذي ينقل خبراته وحكمته للأجيال الصاعدة. تبرز أهمية الأب في الدور الذي يلعبه في توجيه أسرته نحو الطريق الصحيح، حيث يكون الأب هو القائد الذي يرسم معالم الحياة لأبنائه.
في مجتمعاتنا الشرقية، طالما ارتبط مفهوم التربية بدور المرأة، وتم تجاهل دور الأب في هذه العملية وأهمية تأثيره في بناء شخصية الطفل. فالأب يلعب دورًا حيويًا في تنشئة الأجيال القادمة، ويساهم في بناء شخصيتهم وتوجيههم نحو النجاح والتفوق. وعلى الرغم من أن الأب في بعض الأحيان يتجاهل دوره في التربية بسبب الضغوط الاجتماعية أو قوانين الثقافة، إلا أنه يستحق التقدير والتكريم على العطاء الذي يقدمه بشكل مستمر.
تلعب الديانات السماوية دوراً مهماً في تعزيز مكانة الأب، حيث أوصت الأديان كافة بالبر والإحسان إلى الوالدين. في الإسلام، يأتي بر الوالدين في مرتبة عالية، وقد وردت آيات وأحاديث كثيرة تحث على احترام الوالدين والإحسان إليهما. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا" (الإسراء: 23). هذا الأمر الإلهي يعكس الأهمية الكبيرة التي يوليها الإسلام للأب والأم.
الأب هو السند والوتد، الذي يتحمل صعوبات الحياة من أجل راحة أبنائه. يستيقظ الأب يوميًا ويواجه تحديات الحياة بكل شجاعة وقوة، ليحقق رغبات وتطلعات أسرته. إنه الرب والقائد في البيت، الذي يضع خططًا ويتولى مسؤولية توجيه وتربية الأبناء. يعمل الأب بلا كلل لضمان راحة وسعادة عائلته، ويعرف أن دوره ليس فقط في تأمين لقمة العيش والحماية، بل في توفير الدعم العاطفي والتوجيه الصحيح لأبنائه.
الأب هو المعلم الأول لأبنائه، ليس فقط من خلال التعليم الرسمي، ولكن أيضاً من خلال غرس القيم والمبادئ. يتعلم الأطفال من آبائهم الصدق، العمل الجاد، الاحترام، والتفاني في العمل. هذه القيم تظل معهم طيلة حياتهم، وتشكل شخصياتهم ومستقبلهم. الأب هو الذي يعلم أبناءه كيف يواجهون التحديات وكيف يتغلبون على الصعوبات، إنه القدوة التي يحتذى بها الأبناء في مختلف مراحل حياتهم.
وفي الوقت الذي نحتفل فيه بيوم الأم في كل عام، يجب علينا أن لا ننسى الدور الحيوي الذي يقوم به الآباء في حياتنا. فهم يستحقون التكريم والامتنان على العطاء الذي يقدمونه، وعلى الحب والرعاية التي يمنحونها لأطفالهم. إن الأب هو الرمز الحقيقي للتضحية والقوة الخفية التي تدعمنا في حياتنا. قد يكون دوره غير ملفت للنظر بنفس القدر الذي يكون عليه دور الأم، ولكنه لا يزال له تأثير كبير وعميق في نمو وتطور الأبناء.
لا يمكن الحديث عن دور الأب دون الإشارة إلى التحديات التي يواجهها في سبيل تربية أبنائه وتأمين مستقبلهم. من بين هذه التحديات الاقتصادية، حيث يعمل الأب على توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته في ظل ظروف معيشية صعبة في بعض الأحيان. كما يواجه الأب تحديات تربوية، حيث يسعى جاهداً لغرس القيم والأخلاق في نفوس أبنائه في عالم مليء بالتحديات والضغوط.
مع تطور التكنولوجيا وتغير نمط الحياة، تأثر دور الأب بشكل كبير. في الماضي، كان الأب هو المصدر الرئيسي للمعلومات والتوجيه، أما اليوم، فقد أصبحت التكنولوجيا والإنترنت مصدراً كبيراً للمعلومات للأبناء. هذا التغير يفرض على الأب أن يكون أكثر وعيًا وانخراطًا في حياة أبنائه، وأن يستخدم التكنولوجيا كوسيلة لتعزيز العلاقة بينه وبين أبنائه، وليس كعائق.
يوم الأب ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو فرصة للتعبير عن التقدير والامتنان للآباء على جهودهم وتضحياتهم. إنه يوم لتقديم الشكر والاعتراف بكل ما قدموه من حب ودعم. في هذا اليوم، يجب أن نعبر عن مشاعرنا بصدق ونعمل على تعزيز الروابط الأسرية. يمكننا تنظيم فعاليات صغيرة داخل الأسرة أو إرسال رسائل شكر وتقدير للأب، تعبيراً عن حبنا وامتناننا.
لنجدد العهد بتقديرنا للآباء ولنبدي لهم مدى أهميتهم في حياتنا. لنعلمهم أننا نقدرهم ونحترمهم، وأنهم يستحقون الاحتفال والتكريم في كل يوم. فلنكن أبناءً ممتنين وفخورين بآبائنا، ولنعبر لهم عن حبنا وتقديرنا بكل الطرق الممكنة.
في هذا اليوم العالمي للأب، دعونا نجدد العهد بدعمهم وتقديرهم، ونعبر عن فخرنا بوجودهم في حياتنا. إنهم الأعمدة التي تستند إليها عائلاتنا، والأبطال الحقيقيين الذين يستحقون كل تقدير واحترام.
يجب أن ندرك أن الأب هو عماد الأسرة وركيزة المجتمع. يجب أن نتذكر دائماً قيمته ومكانته، ونعمل على الاحتفاء به ليس فقط في يوم الأب، بل في كل يوم. فالأب يستحق التقدير والاحترام على ما يبذله من جهد وتفانٍ في سبيل سعادة أسرته ورقي مجتمعه.
المستشار الدكتور خالد السلامي - سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصيه المؤثره لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على افضل الشخصيات تأثيرا في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي.