بقلم السيناريست/ عماد يوسف النشار
عضو اتحاد كتاب مصر
تابعت كل ردود الأفعال المصاحبة للفيلم العبقري "ريش" السلبية منها والإيجابية، ولم أجد فيهما مايشير إلى محور أحداث الفيلم ، والفكرة القائم عليها ، ألا وهي جريمة الخصخصة التي أقترفها "الساحر" عاطف عبيد المباركي ، والتي ترتب عليها من آثار كارثية نتجرع مرارتها حتى اليوم، بعدما قام بتفكيك القطاع العام ، وتخريب وبيع المصانع والشركات وتسريح وتشريد العمال ، والتي كانت أغلبها تمثل أمن قومي ، وكان أخرها مصنع الحديد والصلب .
استهل الفيلم أول مشاهده بالمشهد التأسيسي _مفتاح العمل_ ، لرجل يصرخ بعدما اضرمت فيه النيران أمام أحد المصانع المهجورة ، ليترك للمشاهد استنباط هل إضرام النيران كانت بفعل فاعل أم هو من قام بذلك ؟
وطول متابعة المشاهد للعمل سيجد المصانع والشركات المهجورة حاضرة ومصاحبة لبطلة العمل في كل تحركاتها ، حتى نافذة منزلها لا نرى منها إلا مداخن مصنع لايصنع شئ إلا أدخنة تبدو أنها لحرق النفايات ، كما هو حال الشركة التي كان يعمل بها زوجها قبل أن يتحول لفرخة على يد "الساحر" عاطف عبيد المباركي الذي فعل فعلته وأختفى عن الحساب والمحاكمة ، ويبدو هذا جليا من ساحة الشركه او المصنع الذي كان يعمل به الزوج التى تحولت ساحته لاكوام من الخرده ، ومن مشهد العامل الذي كان يقف خلف البطله يلعب بالمفاتيح اللامعه دليل على عدم الاستخدام عندما كانت تريد من مدير المصنع أن تعمل مكان زوجها المتحول لفرخه بفعل الساحر الذي حول كل عمال مصر "لفراخ"
برع المخرج الواعي الواعد في استخدام الرموز السينمائية لخدمة العمل وإبراز فداحة جريمة الخصخصة المنظمة وٱثاراها الكارثية على الأسرة والمجتمع
مشهد ساحة المستشفي البيطري المزدحم بالحمير فقط دونا عن باقي الحيوانات مع إنها ذهبت للكشف على زوجها "الفرخة" ولم نرى داخل العيادة إلا جاموسه تحاول أن تركب حمار
مشهد الإفراج عن التلفزيون المتهالك فقط دون بقية المحجوزات لعجزها عن سداد أقساط الشقه ليعود التلفزيون ويبث صور الورود المتفتحه والحياة الوردية ، بما يذكرنا بكاميرا ماسبيرو التي راحت تركز على صفحة النيل بينما ضفافه في الدلتا والصعيد تلتهب بجمعة الغضب
الفيلم ليس بسطحية الإساءة لسمعة مصر كما جعجع المواطنين الشرفاء ، ولا بقاتمة الصورة والضعف الفني كما تناول المعتدلون ، الفيلم أعمق من هذا وذاك ويحمل رسالة يقوم بإصالها بمنتهى الأمانة والوضوح ، فالفيلم زاخر بكل الرموز السينمائية التي وظفها المخرج عمر الزهير بحرفية لصالح العمل والتى تتطلب مشاهدته بتأني وبعيدا عما أثير حول الفيلم .
تحية لكل صناع هذا العمل العبقري .