بين القصــة الأدبية والقصص القرآني
في الماضي، حاول بعض المخلصين والمناصرين للإسلام والقرآن ـ ضمن خطوة تسطيحيه ومشروع دفاعي لم يدرس بالقدر الكافي ـ حاولوا المطابقة بين شطرٍ من الآيات القرآنية والاكتشافات العلمية المعاصرة، ولم يفسحوا المجال اللازم للتحوّلات التي تستدعيها المفاهيم العلمية ولا للتطورات التي تقتضيها العلوم البشرية، وتستلزم أن تبقى أبواب التغيرات العلمية مفتوحةً على مصراعيها، فمثل هذه المقارنات السطحية والباعثة على الكبرياء المؤقّت، قد تؤدي ـ إلى جانب وقتيتها وسرعة انقضائها ـ إلى أن تنقلب إلى ضدها، فقد كان الأجدى السعي للحؤول دون شيخوخة الآيات وسقوطها العلمي.
يأخذ القرآن الكريم ـ سيكولوجياً ـ الإنسان المتلقي بنظر الاعتبار، ويتجانس مع الفطرة الإنسانية الأصيلة، ولا يروم الأدبَ لمحض الأدب، إنما يتوخّاه للتأديب والهداية والترشيد "ِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ". وقد كتبت من قبل مقال بعنوان "الطب النفسي بالقران والرواية"، واوضحت فيه علاقة الأدب بالطب النفسي وعلاقة الطب النفسي بالقران.
واليوم أكتب لكى أوضح أنه لا جدال في وجود مشتركات عديدة بين قصص القرآن والقصة المعاصرة، فالمحور الرئيس للعديد من القصص هو الحبّ أو الكراهية، مفترقان يلتقيان من جديد، وقريبان متوادّان يتنافران وينفصلان، وهذا المحور الدرامي مشهود بكثرة في القرآن الكريم: آدم والجنّة، موسى ووالدته، نوح وابنه و.. فالقرآن يأخذ بنظر الاعتبار الميل الفطري الشديد إلى الدراما عند الإنسان؛ لذلك نصادف مثل هذه الدراما في كلّ خطوة من مسارنا في الـ 116 قصّة قرآنية.
لكن تُرى أيّ نوع من أنواع القصّة يصنّف القصصُ القرآني؟ لكنى سأترك نهايات القضايا مفتوحةً حتى ينحت كلّ قارئ ما يروقه من إجابات بحسب المقدمات التي يُطالعها في هذا البحث وما تتركه من انطباعات في ذهنه، ولا أشعر هنا بقلق حيال أن تأتي الإجابات متباينةً في ضوء تباين القرّاء ورؤاهم.
فأيّ القصص أكثر انسجاماً مع الفطرة: القرآن أم الرواية الكلاسيكية أم الرواية الحديثة؟
في قصص الأطفال، قد نصادف كلاماً وتوجيهات مباشرة، وإيضاحات تكميلية، واستنتاج نهائي، ورسالة، وشعارات، وغير ذلك من العناصر غير المجنّدة في فنّ القصة. وللوهلة الأولى يمكن إخراج هذه القصص من دائرة الفنّ القصصي والروائي بعامة، لكن ألا يجدر التريّث والتفكير بأن الطفل ـ وهو الأقرب إلى الفطرة الإنسانية النقية الخالصة ـ أكثر ميلاً إلى مثل هذه القصص التي تنطبع بسرعة على لوح نفسه النقي؟ هل جميع الـ 116 قصّة في القرآن هي من سنخ القصة؟ أم الرمزية؟ أم التجلّيات الأدبية؟ أم التنظير؟ أم مساعدة ذهن المتلقي؟ لماذا الإصرار على مطابقة قصص القرآن ـ بكلّ أشكالها ونماذجها ـ على تعريف القصّة الكلاسيكية أو حتى القصّة الحداثية والما بعد الحداثية؟ ما هي ضرورة هذه المطابقة؟
لو أردنا الخوض في سائر العناصر المشتركة لطال بنا المقام، إنما نكتفي فقط بالإشارة إلى وجود العديد من مواطن الاشتراك بين القصص القرآني والفنّ القصصي عموماً، منها: السرد، والتلخيص، والصياغة القصصية، والنقلة، والتضاد، والبطولة، والبطولة السلبية، والعطف، والتحوّل، وحركة الأحداث، والحوادث المفصلية في القصة، والفكر، بل وحتى العناصر المنتسبة إلى ما بعد عصر الرواية الكلاسيكية من قبيل انسيابية الذهن، والواقعية السحرية.
القصّة والرواية نوعٌ معروف بين صنوف الأدب والقصة منها قصة قصيرة وطويلة ورواية، والرواية منها الكلاسيكية والحداثية وما بعد الحداثية، وتنقسم الرواية إلى مغامراتية، وشخصانية، وتاريخية، وفكرية و.. وتصنيف القصص بنحو عام إلى قصص ترفيهية وتحليلية.
ومما لا يتسنّى إنكاره عدم وجود أدوات وعناصر وتعاريف تأسيسية نهائية في حقل الأدب القصصي يسلِّم لها جميع الباحثين والمهتمّين؛ فبالنسبة لمعظم هذه التعاريف، لا تتوفر لحدّ الآن معايير محدّدة تميّز الخطأ من الصواب، لقد شهد التعريف العصري للقصّة تحولات كبيرة ولا زال مسار هذه التحولات جارياً لم يتوقف؛ ولا مراء في أن انبثاق معايير وقواعد جديدة في ميدان الأدب القصصي. ويمكن رصد أنكى الأخطاء التي حذّرت منها كتبُ النقد الروائي في أعظم الروايات العالمية وأشهرها، وحتى أكبر عشر روايات عالمية لو حوكمت في ضوء قواعد كتابة الرواية المعروفة لدى الغرب، لما حقّقت أيٌّ منها درجة النجاح؛ فهل ينتقص هذا من أصحابها النوابغ؟ أم أن تعاريف الرواية الكلاسيكية ومعاييرها وأدواتها وأصولها ليست بالمعايير النهائية؟
فمن ذا الذي يستطيع تسمية ولو رواية واحدة على مستوى العالم روايةً مثالية تستسيغها النظريات كافّة والآراء الخاصة بالأدب القصصي؟ وهل ثمّة شيء اسمه المواصفات المثالية للرواية؟ وإذا كان مثل هذا الشيء موجوداً على الصعيد النظري، فهل هو كذلك في ميدان التطبيق أيضاً؟ لا بالنسبة للشكل الإجمالي للقضية ولا بالنسبة لأجزائها وتفاصيلها، لا بخصوص التعاريف العامة للقصّة والرواية، ولا فيما يتصل بعناصرها التفصيلية كتحوّل الشخصية، ونقطة العطف، والنقلة، والمشهد، والحادثة وغير ذلك.
وبالبحث فى القصص القرآني
يلاحظ الباحث في كثير من سور القرآن رواية قصّة بتمامها أو جزءٍ من قصة؛ فبعض السور ـ كسورتي يوسف ونوح ـ تمثل من بدايتها إلى نهايتها قصّةً تدور أحداثها حول محور شخصية واحدة، أما قصص شخصيات أخرى كالنبي موسى أو عيسى فتتوزع على سور عدّة.
ورغم أن كلمة: قصّة، لم تذكر في القرآن، إلا أنّ واقعية القَصَص القرآني ، كانت مصدراً حتى لتأليف تفاسير قصصيّة للقرآن، منها على سبيل المثال تفسير السور آبادي لأبي بكر عتيق النيشابوري، وتفسير كشف الأسرار وعدة الأبرار لرشيد الدين الميبدي، وقصص الأنبياء لأبي إسحاق خلف النيشابوري، وهي تفاسير قرآنية تركّز على الطابع القصصي في القرآن.
ووردت كلمة (قصص) 7 مرات في القرآن الكريم، كلّها على شاكلة كلمة (سَفَر)، أي بمعنى متابعة الشخص والجري وراءه، واتّباع الأثر، والتقصّي، فهل للقصص القرآني أساساً صلةٌ بالقصّة العصرية أم أنها ظاهرة أخرى ونوع مختلف؟ هل ثمّة في القصص القرآني عناصر القصّة المعاصرة وأدواتها ومستلزماتها، من قبيل بناء الشخصيات، الوصف، المشهد، الفعل القصصي، الرواية، التلخيص، الحوار، النثر القصصي، الصياغة، عنصر الشدّ والجاذبية، النقلة، الشخصية الرئيسية، الشخصية الفرعية، العقدة، التضاد، الإدهاش والإثارة، البطولة، البطولة السلبية، العطف، التحوّل، الحركية، الحادثة، المفصلية، الفكر، الرمز، القوالب المسبقة (الكليشات)، الشعارات، التعبير المباشر، انسيابية الذهن، الواقعية السحرية..؟ وهل ثمّة قواسم مشتركة ملفتة بين القصص القرآني والقصّة المعاصرة؟ ما هي أوجه الاختلاف البارزة بين الظاهرتين؟ هل أوجه الاشتراك ـ إن وجدت ـ بالمستوى الذي يجعل القصص القرآني نوعاً من أنواع القصص الحديثة؟ وهل أوجه الافتراق ـ إن وجدت ـ بالمقدار الذي يُقصي القصص القرآني ـ بالنظر لتعريف القصّة في العصر الراهن ـ عن دائرة الفنّ القصصي جذرياً؟ ونسأل في النهاية: ما هي أوجه الاشتراك والافتراق بين القصص القرآني والقصّة المعاصرة تحديداً؟ وما الرؤية أو الحكم الذي يمكن استخلاصه من هذه المشتركات والاختلافات؟
تجد في القصص القرآني شخصيات رئيسية وأخرى فرعية بغية مزيد من الإجلاء للشخصية الرئيسية المحورية في نماذج عديدة، والشخصيات الفرعية تهدف إلى التأشير إلى مميزات الشخصية الرئيسية من خلال حواراته وحوارات الآخرين حوله، والأفعال القصصية وغير ذلك من المشاهد التي من شأنها التعريف)، يوسف عالم، يدل على ذلك مشهد تفسيره لأحلام صاحبيه في السجن وإرساله القميص إلى والده. ويوسف جميل؛ عبر مشهد تقطيع النسوة أيديهنّ حينما رأينه. ويوسف حكيمٌ في أقواله؛ وذلك من خلال بدئه بتفسير حلم السجين الذي سينجو قبل صاحبه الذي سيهلك. ويوسف ذو تفكير طبيعي مألوف وليس غيبيّاً ما ورائياً؛ وذلك من خلال اختياره السجن على الفساد. ويوسف نبي من أنبياء الله؛ تدلّ على ذلك حواراته مع رفاق سجنه مثل
1- شخصية رئيسية: يوسف. شخصيات فرعية: يعقوب، أخوة يوسف، أخوه الأصغر، عزيز مصر، ملك مصر، زوجة العزيز، نسوة مصر، السجينان..
2ـ شخصية رئيسية: موسى. شخصيات فرعية: والدة موسى، أخت موسى، زوجة فرعون، هارون، رجلٌ من شيعة موسى، السامري، المقتول، شعيب، ابنتا شعيب..
3 ـ شخصية رئيسية: إبراهيم. شخصيات فرعية: والد إبراهيم (أو عمّه)، إسماعيل، هاجر، سارة، نمرود..
4- شخصية رئيسية: آدم. شخصيات فرعية: حواء، هابيل، قابيل، الملائكة..
ومن الشخصيات الرئيسية تسليط الضوء على الرسول الأكرم، عيسى، مريم، الخضر، نوح، يونس، زكريا، هود، صالح، العزيز، فرعون، ونمرود.
والحيرة بين الخير والشر ظاهرة ملحوظة فى النفس البشرية، وضحها القصص القرآني فمثلاً:
1ـ أخو يوسف: "لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ" (يوسف: 10)؛ فالحيرة بين الإيمان والنفاق، وتباين أحد الإخوة عن الباقين كما يظهر في منعهم أن يقتلوا يوسف.
2 ـ موسى: نكثه العهد ثلاث مرات أثناء صحبته للعبد الصالح (الكهف: 65 ـ 82).
3ـ موسى: "َا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي"، الغضب الشديد حيال انحراف الأمّة وعدم توفيق أخيه هارون، والتحامل عليه بشدّة.
4- إبراهيم: "أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي" (البقرة: 260)، يطالب إبراهيم بشواهد ملموسة ليطمئن قلبه.
وعبر ظواهر أقوال هذه الشخصيات الكبرى كأنبياء الله العظام وسلوكهم؛ يمكن رصد قواسم مشتركة ظاهرية لهم مع شخصيات القصص والروايات الكلاسيكية، وليس هناك أيّ إصرار على إلصاق هذا الطابع الترددي أو الخوف بتلك الشخصيات الإيمانية الكبرى.
من العناصر المشتركة بين القصّة المعاصرة والقصص القرآني اشتمالهما على عنصر
1- العقدة، ومع أنّ اللجوء إلى العقدة لا يعدّ شرطاً لازماً ولا كافياً لجعل القصة شيّقةً ماتعة، إلاّ أن وجودها يمكن أن يسبغ على القصّة جاذبية وشدّاً كبيرين؛ وحالات العقدة في القصص القرآني كثيرةٌ جداً، وهذه بعض الأمثلة: هل ينجو يوسف من البئر؟ وهل ينجو من السجن؟ هل يستجيب لنزوات زليخا؟ هل يستعيد يعقوب ابنه المفقود؟ هل سيكون بمستطاع يوسف إدارة البلاد؟ هل سيُقتل موسى كسائر المولودين الذكور؟ هل يتحوّل الصندوق الذي يحمل موسى على الماء إلى تابوته؟ دخول العدو الأكبر لفرعون إلى قصر فرعون وهو طفل صغير... وغيرها الكثير من العُقد.
من المشتركات الأخرى بين قصص القرآن الكريم والقصّة المعاصرة، يمكن الإشارة إلى
2- عنصر الإثارة أو الدهشة، نلاحظ في القصّة المعاصرة وقوع أحداث غير متوقعة، ومصادفات عجيبة مذهلة، وخوارق لا تصدّق ، وتعدّ من أبرز أدوات الجاذبية والشدّ القصصي، ولا شك أنّ استخدام عنصر الإثارة مشهودٌ بنسبة أكبر في القصص السوريالية (ما فوق الواقعية) والعلمية، والخيالية، والسحرية و.. وطبعاً، لا يمكن أن نتوقع استخداماً مكثفاً من قبل القرآن لمثل هذا العنصر، ومع ذلك نشير فيما يلي إلى نماذج مثيرة وردت في القصص القرآني:
رائحة قميص يوسف وتأثيرها في شفاء والده من العمى. تحوّل العصا إلى ثعبان. عصا موسى تبتلع سحر السحرة. إحياء الأموات بأنفاس عيسى. نوم عددٍ من الفتيان في الغار مدة 309 سنوات. نوم عزير لمائة عام وموت دابّته وبقاء طعامه طازجاً لم يفسد. انشطار نهر النيل العظيم وجفاف قاعه بصورة مؤقّتة. يونس في بطن الحوت. ولادة عيسى من أمّه دون أب. امتداد العمر بالنبي نوح إلى أكثر من ألف عام. تجلّي الله في الطور وإصداره الدساتير العشر بنحو خارق. قيادة أعظم تيارات الهداية في التاريخ من قبل رجل أمّي. تكلّم النبي عيسى في المهد. غرق الأرض كلّها تحت الماء وموت كلّ سكانها باستثناء ركّاب سفينة معينة. عدم احتراق إبراهيم في النار. تحدّث العجل الذهبي المنحوت.
3- يمكن اعتبار الحبّ العنصرَ الملاصق لكلّ الروايات الكلاسيكية والمعاصرة، فالحب هو الجزء المشهود بنحو واسع في مختلف صنوف القصص والروايات،. وثمّة للحب في قصص القرآن الكريم إشارات نسجّل فيما يلي جانباً منها:
حب يعقوب ليوسف. حبّ نوح لابنه. حبّ إبراهيم لإسماعيل. حبّ زليخا ليوسف. حب ضيفات زليخا ليوسف. حبّ والدة موسى لموسى. حبّ بنات شعيب لموسى.
4- الحوار من أبرز أدوات القصّة المعاصرة، ويعتبرونه من العوامل المحرّكة للقصّة والتي تتقدم بأحداثها إلى الأمام . نشير هنا إلى نماذج من الحوارات الواردة في القصص القرآني، كحوار الباري عز وجل مع ملائكته في سورة البقرة، وحوار مريم مع الذين وجّهوا لها تُهماً شائنة، والحوار بين موسى وهارون، وحوار موسى وشعيب، وحوار موسى مع العبد الصالح وغيره.
5- يستخدم في الرواية الكلاسيكية والقصص المعاصرة عامل النزاع والتضادّ بين الشخصيات والمناخات بغية تمتين بناء القصة وتكريس جاذبيتها، وقد استفادت القصص القرآنية بدورها من هذه الأداة؛ إذ يمكن ذكر الأمثلة التالية للدلالة على ذلك:
1ـ نزاع أخوة يوسف مع يوسف، نزاع الأخ الصغير ليوسف مع إخوته، نزاع زليخا مع يوسف، نزاع موسى مع هارون، ومع فرعون، ومع السحرة.
2ـ نزاع الإنسان مع البيئة: يوسف في البئر، يوسف في السجن، موسى وسط النيل، الرسول الأكرم في الغار، أصحاب الكهف في الغار، يونس في بطن الحوت، إبراهيم في النار، هاجر في الصحراء القاحلة.
3ـ نزاع الإنسان مع نفسه (الصراع الداخلي): زليخا مع نفسها، إبراهيم مع نفسه عند مشاهدته غروب القمر والشمس. وكذا نزاع نوح مع قومه غير المؤمنين، ونزاعه مع ابنه، ونزاعه مع الطبيعة (المياه التي غمرت العالم)، نزاعه مع الطبيعة عبر انتظار نموّ الأشجار عبر سبعة أجيال.
4- في الشائع استخدام الرموز والحالة الرمزية لخلق طبقات وأغوار معمّقة في القصّة الكلاسيكية والحديثة، ففي قصة يوسف، هناك البئر: رمز السقوط، والأحد عشر كوكباً: رمز أخوة يوسف، والسجن، والبئر: رموزٌ للتقيّد والظلام والضياع، والذئب: رمز لأنفس أخوة يوسف الأمّارة بالسوء، والدلو وافتتاح الماء الزلال: رمزٌ لنفسية يوسف، والقميص: رمز العصمة، والسكين: رمز نفسية النسوة، ورائحة يوسف: رمز محبة الأب لابنه، والبقرة السمينة: رمز الخير والوفرة، والبقرة الهزيلة: رمز القحط.
5- القاسم المشترك الأخير بين القصص القرآني والرواية الكلاسيكية، نشير إلى المشهد وإلى عنصري الزمان والمكان اللذين يعتبران من مكوّنات المشهد: المكان (في قصّة يوسف): صحراء تبحث فيها إحدى القوافل عن الماء والآبار، الأماكن الأخرى هي البئر، والقصر، والسجن. الزمان (في قصة يوسف): غير محدّد، لا تُعلمنا الآيات بتاريخ دقيق للأحداث، في قصة موسى أيضاً لا يحدّد الزمان والمكان على نحو الدقة، لكي يتجاوز القارئ تخوم الزمان والمكان إلى الصفة العامّة للقصة والعبر الممكنة الاستخلاص منها لكل الأجيال والأعمار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق