بقلم/ د. وسيلة محمود الحلبي
إن أهل الهمم والطموح ينتظرون الفرص بفارغ الصبر، فعلو الهمة من الأخلاق والصفات الكريمة، التي يتمناها كل إنسان، ولا يكاد يوم تبزغ شمسه إلا ونسمع أو نرى إنجازات ونجاحات قد أصبحت حقيقة بعد أن كانت حلما، وقد سجل التاريخ أسماء أصحابها ليخلد ذكرهم، ويكونوا قدوات في الهمم العالية، فالطبيب والطيار والمهندس والمبتكر والوزير والرئيس، كلهم كان لهم حلم فعملوا من أجله، فأصبحوا كذلك، إذن فليس من الصعب أن نكون مثلهم.
ومهما بلغ بنا العمر لابد من تحديد هدفًنا في الحياة، وبذل الجهد والطاقة والوقت في تحقيقه، فلنضع سويا أقدامنا على العتبة الأولى، ونبدأ بالخطوة الأولى، فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. فلا فرحة لمن لا همة له، ولا لذَّة لمن لا صبر له، ولا نعيم لمن لا شقاء له، ولا راحة لمن لا تعب له، "وإذا كانت النفوس كِبارًا..... تعِبَتْ في مُرادِها الأجْسَامُ".
هناك أسباب لانحطاط الهمم منها: الوهن، وحب الدنيا وكراهية الموت، والفتور، وإهدار الوقت الثمين، والعجز، والكسل، والغفلة، والتسويف، والتمني، وغير ذلك.
كما أن هناك أسباب للارتقاء بالهمة: العلم والبصيرة، وإرادة الآخرة وكثرة ذكر الموت، والدعاء، ومجاهدة النفس، وصحبة أولي الهمم العالية ومطالعة أخبارهم، والإستمرار في العمل.
كذلك هناك ثمة نماذج يجب أن نقف أمامها لاسيما، وأن بعض الناس ربما يعيش في حالة من الإحباط والاستسلام، عندها نقول انطلق واعمل،
"قال عبد الرحمن بن عوف يوم عرض عليه سعد بن الربيع من آخاه النبي عليه الصلاة والسلام معه فسعد من الأنصار وعبد الرحمن من المهاجرين، وأخوةً وقعت بينهم فعرض عليه مالا. فقال له عبد الرحمن ابن عوف: حفظ الله عليك مالك وأهلك دلني على السوق، دلني على السوق.
فهذه رسالة واضحة للعمل، وانطلق عبد الرحمن ابن عوف حتى غدا أغنى أغنياء الصحابة، وحين توفي ترك ذهبا يكسر بالفؤوس في المدينة."
إنه الطموح، إنها الهمة العالية أن تكون لنفسك مجدا أنت فاعله، ألا تعتمد على الآخرين، ألا تساوي صفراً في هذه الحياة ألا تعتمد على مجد آبائك.
دببت للمجد والساعون قد بذلوا ..... جهد النفوس وألقوا دونه العذرا
فكابدوا المجد حتى مل أكثره..... وعناق المجد من أوفى ومن صبرا
لا تحسب المجد تمراً أنت آكل..... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبِرا
وممكن أن نتعلم الهمة والعزيمة كلما نسمع صياح الديك فجرا (بارك الله لأمتي في بكورها) ونتعلم من نحلةٍ تطير لمئات المسافات وتمر على أكثر من آلاف الزهرات لتنتج العسل. كما تعلمنا النملة برحلتها في الشتاء والصيف، وحركتها الدؤوبة بأن العبرة بالجهد وليست بالنتائج، بل بالعمل، فهي نطقت:" لا يحطمنكم سليمان وجنوده"، بحثت عن الحلول ولم تستسلم أن توطئ تحت قدم سليمان عليه السلام وجيشه ، وإنما بحثت عن الحلول ليتحرك الجميع "إنها الدروس".
وبعد كل هذا أن تكون خاملاً، أو تكون نشيطاً، أن تكون مستسلماً، أو تكون فاعلاً فالقرار بيدك ....ما المجدُ زُخرفُ أقوالٍ لطالبهِ لا يدرك المجدَ إلا كل فعّالِ