بقلمي / نصر الدين يوسف
الوحش الساكن بالديار
يتجبر ،
والوحش الثائر في الجوار
متربص يترقب ،
لقد رآيت (سامي) آكل لحوم البشر ، وقد حاول دخول المقهي أكثر من مرة ، عمال المقهي أطلقوا عليه الرصاص ، لكن الغريب
_ إنه لايتأثر بضرب النار !
مما يجعل هذا الأمر مثير للإهتمام ،
لقد شاهدته ، إنه مثل المصارعين أصحاب العضلات المفتولة يكشر عن أنيابه بإستمرار ، دليل علي جوعه الدائم ، لا يظهر إلا في المساء ، عندما فشلوا في اصابته بالرصاص ، أوصلوا الكهرباء ببوبات المقهى الحديدية ، إن هذا الوحش يذكرني بالوحش الأسطوري الذي صنعته إمي في خيالي طيلة تسعة أعوام ، من أجل الذهاب إلي النوم مبكرا ، وفي العام العاشر صنعت له تمثال ثم حطمته حتي أحطم تلك الاسطورة بخيالي ،
_ ولكن السؤال الأن أين هو (جلال) ، لم يظهر وقد مر ستة شهور علي وجودنا فى المقهي ، نساء المصنع الخمسة حوامل الأن الي جانب (شما) الفتاه المذعورة
إنهن يعملن في المطبخ ، نلتقي جميعا أثناء العشاء في الثامنة مساء ، إلي جانب عمال المقهي الخمسة الذين يتولون القيادة باستخدام السلاح والعنف ، وتبقي حوالي عشرة أشخاص من رواد المقهي المحجوزين والباقون من مات ومن يموت بالبطئ من الوباء بالحجر ، و من يدخل الحجر لا يخرج ، لا بد أن أزور هذا الحجر ، أعتقد أن هناك سر بالداخل ، ولكن كيف؟
_ وقع اختياري علي الدكتور (عمرو) ؟
ماهي نقطة ضعف الدكتور !
.. أخذت أتأمل ..
.. الدكتور لا يتكلم كثيرا ، هناك أمرا ما يأثر عليه في حياته الشخصية ، ما علينا من ذلك ،،
حسنا إنه ينظر إلي (شما) ، هذا الرجل يحب ،
قال لي (عصام)
_ جيد لابد أن تصل إلي (شما) حتي تصل إلي الدكتور
ولكن ماذا تريد من الدكتور؟
فإبتسمت وقلت له:
_ سوف إخبرك عندها ، المهم كيف أجعل (شما) تتعاون؟
.. فنظر لي (عصام) بتغجب وقال :
_ كيف ، وهل أنا الذي يقول كيف ، هذا هو الجزء السهل بالنسبة ل (دامر) ،
(دامر) أنت تدخل القلب من أول لقاء ..
.. وكانت ( شما) فاتتة تتمتع بجمال أخاذ، خمرية وعيون خضراء ، أتمني لو أصنع لها تمثالا ، كانت تتظر لي من البداية ، لم أكن أعتريها إهتمام ، فأنا أراها طفلة ، ولكن لا بأس الأن ،
.. إلتقيت معها في فترة العشاء ، إنتقلت إلي طولتها وألقيت عليها شباكي ،
أصبحت من ثالث عشاء تريد الفرار معي من المقهي ، ومن أجل ذلك لابد أن تساعدني ،
.. إدعت (شما) المرض حتي تستدرج الدكتور إلي مبتغانا ، (شما) هي الوحيدة التي تقطن في حجرة بفردها ، إنها آوامر الملك !
حصلت علي المفاتيح، دخلت الحجر بالمساء ،
.. اللعنة ، الشاعر والمطرب يحتضران في الحجر ، إلي جانب أغلب الرواد ،
ها هي الثلاجة ،
.. ياليتني ما فتحت الباب ، رائحة الموتي خنقتني،، تجولت بين أكياس الموتي المعلقة، إنهم غير مكتملون ،
. اللعنة وألف لعنة هناك طولة كبيرة عليها إحدي الجثث ، وقد تم تمزيقها إربا
_ أنا الذي عشق الجسد البشري لا أستطيع النظر !
.. هربت من الثلاجة ثم من الحجر ، إلي حجرتي في ذهول تام وصدمة مدوية ،،
.. أعطيت المفاتيح لعصام وقلت له :
_ أعطيها ل (شما) بحجرتها وقول لها أن تستدعي الدكتور وتخبره إن مفاتيحه سقطت منه أثناء الكشف عليها ، ثم عد إليا علي الفور ،،
.. ذهب (عصام) ثم عاد يسأل :
_ ماذا رأيت هناك؟
_ اللعنة يا عصام ؟
_ ماذا؟
_ هل تتذكر قصة الشدة المستنصرية التي أخبرنا بها (شوقي) في البداية؟
_ نعم
_ قال إنها خلفت عائلة تظهر كل فترة يأكلون اللحم البشري !
_ نعم
_ إن (شوقي) والوحش (سامي) وعمال المقهي و نسائهم ،
جميعهم يا (عصام)
هم العائلة التي تأكل لحوم البشر !!
.. ظهر علي (عصام) الذهول التام ثم أمسك ببطنه يتألم ، و قال لي :
_ اللعنه يا (دامر) لعل اللحم المقدد الذي يقدمونه لنا لحما بشريا !
.. فقلت له:
_ أحمد الله إني أخبرتهم من البداية إني نباتيا ولا أأكل اللحم ..
.. فقال (عصام) :
_ يا ليتني فعلت مثلك ،
هل تعلم ، لم يعجبني في البداية ولكن فيما بعد أصبحت أنتظره في العشاء من شدة لذته !
ماذا سنفعل الأن يا( دامر) يجب علينا الهروب من هذا الجحيم ؟
.. نظرت إلي (عصام) وطلبت منه الهدوء ، ثم قلت له :
_ ما بال الطوابق الخالية هنا في المبني ؟
_ لا أعلم عنها شيئا !
_ أعتقد أن (جلال) مقيم معنا هنا ..
_ ماذا ؟
_ إنه العقل المدبر لكل شئ ،
لا أعتقد إن ( شوقي) هذا هو القائد هنا ..
_ ولكنه يتحكم في كل شئ
_ هذا ظاهريا فقط ، ألا تري إنه مدمن علي الحبوب المخدرة !
_ نعم أحبانا آراه فاقد الوعي والأتزان ، ولكن ما هي خطتك الأن ؟
_ يجب أن أجبر (جلال) علي الظهور ..
يتبع