.......تغزلت بها ....(عن الدنيا)
تَغَزَلْت بِهَا حَتَّى أَبْكَانِي
قَوْلِي فِيهَا مِنْ شِدَّةِ الوَلَع
وَصَفِّتُهَا كَمَا يَصِف طـاوٍ
وَلِيمَة تَمَنَّى لَوْ أَنَّهَا تَقَعُ
ذَكَرْتُ مَفَاتِن مِن حُسنِهــا
وَرُحْت أُحَدِثُ عَنْهَا وَاضَع
جَمَالُهَا يَا سَادَتِي مِن سِحْرِها
صَيَرَني إلَيْهَا عَبْدًا خَضَع
الْقَوْلُ فِيهَا زَادَ مِنْ تَذَلِلي
والأَخْذُ بِه أَعْمَانِي بِالجَشَع
وَقُرْبُهَا مِنْ بَعْدِ قَطِيعَة
قَيَدَني بِحَدِيدٍ عَسِيرِ الصَّدْع
وَعِشْقِي لَهَا شَتِّتَ ذِهْنِي
وَأَمَات مِنِّي الْقَلْب وَنَزْع
وَأَذْهَبَ عَنِّي مَا أَعْرِفُه
بَسَاطَه نَفْسٍ يَغْلِبُهَا الْوَرَع
تَغَيَّر مِنِّي مَا لَمْ يَكُنْ يُغَيُرُه
قَهْرُ الزَّمَان بِالْجُهْد وَالْفَزَع
وَرُحْتُ كَمَن تَذَوَقَ عَسَلًا
يُقَاتِل النَّحْل وَلَا يَخْشَى الَّلسَّع
أُخَاصِم مِن يَقْرَبُهَا وأُقَاتِلُه
وَأُبْدِي الْعَدَاوَة لِمَن طَمِع
أُنَافِسُ مِن يُزَاحِمُنِي وَأَقْلَعُه
قَلْعَ نَابٍ زَادَ فِي وَجَعِ
أَضَعْتُ عُمْرِي أَتَوَدَدُ قُرْبَهَا
وَاليَوْمَ أُخَيَتِي نَالَنِي الهَلَع
كَمْ مِنْ السِّنِينِ وَأَنَا أُلَاحقُها
وَاتْرُك حَالِي إلَيْهَا وَاَدَع
رَمَتْنِي بِجَفْوَة كَأَنَّهَا تَطْرُدُني
لمَّا أَحَسَّت الْفَقْر إلَيّ رَجَع
ذَكَّرْتهَا بِأَيَّام خَلَت بَيْنَنَا
فَقَالَت مَتَى كُنَّا بِمِثْلِك نَقَع
أَنَا حَسْنَاء يَوْمِي وَلَسْت تُكَافِئُني
فَمِثْلُك مَرَّ وَغَيْرُك اَسَع
وَالْيَوْم صِرْت لاَ تَبْلُغُهُ
فأنت عِنْدِي كَحُلْمٍ طَلَع
فَعِش بُؤْسًا أَنْت خَلَفْتَه
وَأَوْصِي لِغَيْرِك تُحَذِرْه الجَشَع
مَا أَبْقَيْتُ عَلَى امْرِئٍ تَقَرَّبَنِي
إَلَّا وَتَرَكَتْه تَرَكَ مَنْ خَلَعَ
أَنَا ابْنُهُ الدَّهْرِ أَنْ كُنْت تَجْهَلُني
فَسَل عَنِّي التَّارِيخ وَمَا جَمَعَ
يُخْبِرُك عَنِّي مِنْ ضَيَعْتُه
ومن رَمَيْتُه بِالجَفَا لَمَّا سَطَع
لَا أَنْكُرُ عَلَى سَيِّدِ يَمْتَطِي
مَجْدَ الْخُلُود إنْ قَامَ وَطَلَع
وَلَا أُوْفِي بِعَهْد أِن أَسْقَطَه
رَيْب الزَّمَان بِالْغَدْر وَخَدَع
فَلَا تَلَمَّس مِنِّي مُلَاطَفَة
قد ضَاع وِصَال بَيْنَنَا جَمْع
قَدْ اخْتَرْت غَيْرِك أُصَاحِبُه
فهو الْحَبِيبُ عَلَى قَلْبِي وَقَع
وَلَا تَغْضَبَنَّ مِنْ سُوءِ فِعْلِي
فَسُووء فِعْلِيّ بِالخِوَاتِم طَبَع
وَلَا تَقُلْ كُنْتُ وَكُنْتُ تعاتبني
فأنت طَلَبْتَنِي وَمَن حَقِّي اَدَع
لَوْ كُنْتَ حُرًّا تَنْظُر خَوَاتِمَهَا
مِنْ فَتًى قَبْلَك كَيْفَ وَقَعَ
أَوْ شَيْخٍ عَاش الدَّهْر يُصَاحِبُنِي
كَيْفَ تَرَكْتُهِ بَعْدَ مَهْرٍ دَفَعْع
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق