مصرع النافذة المكسورة
---------------
قصيدة ل صابرحجازي
دعينا نتصارح
ولنكسر ما بيننا من صمت
ولنقل ما بداخلنا من كبت
قد كنت
كمهرج ممسوخ الوجه
آتيّ بأشياءَ قد تثير الضحك
أو كساحر
أخرجت من جيبي
لفظًا أجوفَ
أستجّدي به بعضا من حب
أو أبغي أن أسمع
صوت الكف يلاقي الكف
فأنحني خجلا وشكرا عما فعلت
*
لكني
أنا المهرج والساحر
لم أستطع أن أستخلص منكِ
سوى الفتور.. ، وبعضا من ضجر
فانتابني شعور بالصقيع
وأنا أرفض
أن أكون ساحرا غبيا
أو مهرجا ثقيل الدم
*
دعينا نتصارح
فكل ما هناك
أنه...
.......
لم يكن هناك شئ!!
.....
.....
لكني يا صديقة
في لحظة انفعالية عميقة
تركت نفسي الطليقة
تَبْنِي أشياء بعيدة
بعيدة عن الحقيقة
فتوهمت
أن عينيكِ البريئة
ويديك البريئة
تتوحد في جسد
يحوي روحا بريئة
بالصدق لي تمتد
وتوهمت
أن الشمس قد تشرق
في ليلٍ
لتعانق فجرا
أعياه البحث عن زند
توهمت
أن الطرقات الممتدة نحو اللاشيء
قد تتجمع..،
في كف يكون لها مهد
توهمت
وتوهمت
وتوهمت
فأنا ...لأوهامي
لا أعرف حدا
*
دعينا نتصارح
فبعدما رأيت
عبر نافذتك
التي كسرها الصمت
أشياء غربية
رأيت
ربيعا يعانق خريفا
وأملا يضاجع موتا
وسمعت
صدى لصوت طفلٍ برئ
يصرخ
يا أبتي ))
(( متي تعود إلى البيت
..............
..............
فيا طفلتي البريئة
دعيه يعود
فقد أعياه البرد
*
معذرة إذ أنا تطاولت
وقلت
كل الحقيقة
والحقيقة شئ لا تبغينه
لذا ..، يا طفلتي البريئة
لنفترق في هدوء
لنفترق في هدوء
ولألذ بالصمت
لألذ بالصمت ..، الصمت
الصمت
......................................
القراءة
................
عنوان يختصرُ قصيدة (مصرع النافذة المكسورة), بما يحمله من عبث تراجيدي , مصرع وكسر .. لكنه يفتح طريقا لأمل مغبون عبر نافذة يلعب بها الهواء.. في جوّ من اليأس والشعور بالمرارة يستخدم الشاعر فعل طلب (دعينا) ويليه فعل مضارع يدل على المشاركة (نتصارح) .. فهل كان الصمت بينهما غلافا يغطي مأساة تتقنع بقناع من السخرية في علاقة مزيفة بين طرفين جمعهما القدر في حبّ مسكون بالخداع والتزييف. أمام تمثال من الأوهام , وعبثا يحاول الشاعر أن يوهمنا بأمرٍ مهم لكنّه يترك الأمر لتقدير المتلقي عبر فراغ ملء بنقاط .. فماهو ذلك الأمر المهم الذي أراده الشاعر من (كلّ ما هناك أنّه ..........لم يكن هناك شيء........) أهو أمر محظور أو ممنوع التصريح به وتحته خط أحمر؟ الشاعر يرسم صورة سريالية لأوهام شعر بها في لحظة انفعال براءة العينين واليدين والروح , صورة شمس تعانق فجرا! في علاقة وجودية تتخطى الواقع إلى المستقبل الموعود بصورة طفل بريء يصرخُ . لكن ذلك يبقى حلما يقتله الصمت .
في النص ملامح الرمزية بدءاً بالعنوان ( النافذة ) فهذه الكلمة تدفعنا للتأمل عبر البعيد , وهي مكسورة محطمة لا تردّ الريح أو البرد أو اللص الذي يمر بها , وأما الطفل البريء فقد غدا أملاً نعيش على انتظاره بعد أن فسد كلّ شيء في هذه الحياة ولكن هذا الأمل يهيم في صحراء باردة متجمداً . النص ببساطة هو صرخة استجداء في زمن صعب مليء بالزيف والخداع والوهم , في زمن ختم على قلوب الناس بالجهل والضياع , ولم يجدوا سلاحا يواجهون به غير الصمت .
(هذه قراءتي المتواضعة أرجو أن تفتح نافذة غير مكسورة .. مع مودتي )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق