سلسلة ( الفَصِيحُ .. بَيْنَ الأَعرَجِ وَالكَسِيحِ ..)
( طَرَفُ المُقَدِّمة " أ " .. )
أَيُّهَا الرَّهْطُ ..!
إِنَّنَا حَلبْنَا حَلْبًا لَكُم شَطرُهُ ..
وَقَطَفْنَا قَطفًا لَكُم ثَمَرُهُ .. وَعَزَفنَا عَزفًا لَكُم وَتَرُهُ ..
وَحَملْنَا جُلًّا لَكُمْ عِطرُهُ ..!!
فَإن شَغَلَكُم أَمْرُ الأَدَبِ فَدُونَكُمُ السَّاحَة ..
وَإِن شُغِلتُم عَنْهُ بِالأَسبَابِ فَدُونَكُمُ الرَّاحَة ..!!
لَقَدْ سَنَّ الحَقُّ لِسَانًا فَاضَ مِنَ الأَقلَامِ بَيَانًا ..
استَجَادَ حُلَّةَ الضَّادِ ..
وَالتَمَسَ رِيحَةَ الأَجدَادِ فِي كُلِّ صَوْبٍ وَبِلَادٍ ..
وَنَادَىٰ بِحَرفِهَا وَمَنْ خَطَّهُ .. وَنيل الجَواهِرَ مِن شَطِّهِ .. !!
وَلَا تُنْصَفُ الآلَاءُ بِلا شُكْرِ ..
وَلَا تُحمَدُ المَعشُوقَةُ بِلا ذِكْرٍ .. وَلَا تُدْرَكُ المَعَانِي بِلَا فِكْرٍ ..!!
فَإِنْ أَهَمَّكُم أَمْرَهَا ..
فَلَا تُعَطِّلُوا عُمْرَهَا .. وَأَجمِعُوا شَملَهَا ..
فَلَا يُرضِيهَا عَنكُمُ الإِرضَاءُ .. وَلَا يُغنِيهَا مِنكُمُ الإِغْضَاءُ ..!
فَإِليهَا هَلُمُّوا .. وَشَتَاتَها أَدْرِكُوا وَأَلِمُّوا ..!
لَقَدْ طَالَتْ بِهَا الغُصَّةُ ..
وَلَن تَنتَهِي بِأَلفِ قِصَّةٍ .. حَتَّىٰ يَأخُذَ الرَّهْطُ مِنهَا بِحِصَّةٍ .. وَحِصَّةٍ .. وَحِصَّةٍ ..!!
فِيهَا إِرشَادُ البَنِين .. وَنُصْحٌ وتَبْيينٌ .. وَانزِوَاءٌ لِأطرَافِ السِّنِين ...!
هَذهِ اللُّغَةُ الَّتِي تَقَدَّسَ سِرُّهَا .. وَتَنوَّعَ دُرُّهَا ..
وَجَلَّ عَنِ النَّظِيرِ حُرُّهَا ..!
إِنَّ الَّذِي مَلأَ اللُّغَاتَ مَحَاسِنًا..
جَعَلَ الجَمَالَ وَسِرَّهُ فِي الضَّادِ ..!!
فَهَلْ مِنْ حُرٍّ آسٍ .. أَو سَمْحٍ مُوَاسٍ ..؟!
فَهذِهِ سِلسِلَةٌ تُعنَىٰ بِصِيَانَةِ الآدَابِ عَنْ أَكدَارِ الشُّعَراءِ والكُتَّابِ ..
وَهَي تَحكِي اللُّغَةَ كَيْفَ كَانَ شَأْوهَا .. ؟! ..
وَكَيفَ وَضَعَ أَهلُهَا مِن قَدرِهَا ..؟!
نَرْوِيهَا عَلى لِسَانِ الحَرفِ الفَصِيح ..! سُقنَاهَا مَلهِمَةً مُفْحِمَةً ..!!
وَدُونَكَ طَرَفُ المُقَدِّمَة ... :
السِّلسلةُ صَرخَةٌ مَفجُوعَةٌ فِي مَطَارِحِ الضَّادِ ..!
تَشكُو فَدَاحَةَ الخَطْبِ فِي البِلَادِ .. وَفَسادِ اللُّغَةِ عَلى أَلْسِنَةِ العِبَادِ ..!
وَإِن سَأَلُوكَ عَن فِكرَتِهَا فَقُلْ :
كَانَتْ أُمْنِيَةً شَرِيفَةً .. وَفِكْرَةً طَرِيفةً .. وَنُكْتَةً ظَرِيفةً ..!
جَمَعَتْ فِي الاِفتِرَاضِ بَينَ العَجَمِيِّ وَالعرَبِيّ ..وَالمَشرِقِيِّ وَالمَغرِبِيِّ ..!
جَمَعتهُمَا الحَمِيَّةُ عَلى اللُّغَةِ البَهِيَّةِ .. الْمَوْسُومَةُ بِالتَقصِيرِ.. وَسُوءِ التَّصَرُّفِ وَالتَقدِير ..!
فِي زَمَنٍ قَلَّ فِيهِ العَابِئُ .. وَتَكَاثَرَ فِيهِ العَيْبُ النَّابِي ..!
وَاسْتَنْسَر الضِّعَافُ حَتَّى بَلَغَ الحَنَاجِرَ الزُّعَافُ ..!
وَمَا زِلتُ فِي مَطَارحِ الغُربَةِ " مِنْ أَمْرِيَكا " صَارِخاً بِالفِكرَةِ ..
مُستَنهِضًا لِسَانَ العِتْرَةِ ..
أَسُوقُ فِي قَصَصِي عِنِ الحَرفِ الفَصِيحِ المَوْعِظَةِ وَالْعِبرَةِ ..
وَأُكَنِّي فِيهِ عَنِ الزَّلَّةِ والعَثْرَةِ ..
حَتَّىٰ اقْتَبلَتْ مِنِّي " بيَّة حمادة " وَالمَشهُورَةُ بـِ " بيآن ميآن " .. " مِنَ الْجَزَائِرِ " الفكرة .!.
فَاهْتَزَّتْ لِلنَّبْرَةِ .. وَجَاءَتْ لِلنُّصْرَةِ .. وَهَمَّتْ بِالخَيْطِ وَالإِبرَةِ ..تَجمَعُ الخِبْرَةَ بالسَّبرَةِ ..!
فَإِذا بِالسِّلسِلةِ تَرِمُّ النِّيَةَ بالنَّظْرةِ .. والغَرضَ بِالجَبْرةِ ..
وَكَانَ أَوَّلُ الغَيْثِ قَطْرَة..!!
وَجِيءَ بِهَا للتَّنوِيهِ .. وَبَذْلِ المَنْفَعَةِ وَالتَّوجِيهِ ..!
وَهِيَ لِلغَافِلِ وَالسَّاهِي إِشَارةٌ وَتَنبِيه ..
وَلِلشَّامِتِ وَالْعَاذِلِ تَسفِيهٌ وَتَتْفِيه ..! وَهِيَ لِلجَليسِ مُتْعَةٌ وَفَائِدةٌ وَترفِيه ..!
وَفِيهَا الْتِمَاسٌ مِن صُنُوفِ الأَلفَاظِ لِلإستِفَادةِ ..
وَإِحيَاءُ مَاضِيهَا بِالاستِعَادَةِ .. وَتَرويِضٌ لِنَوافِرِهَا بِالتَّحكُّمِ
وَالاستِجَادةِ ..
وَتَحرِيضٌ بِالإِقبَالِ عَلى السِّلسِلَةِ لِلاستِزَادةِ ..
وَأَسْمَيْنَاهَا ..:
( الفَصِيح .. بَيْنَ الأَعرَجِ وَالْكَسِيح ..) ..!
وَحَسْبُنَا مِنْ هَذا كُلِّهِ الإِتْيَانُ بِالفِكرَةِ ..
فَإِن بَلَغْنَا المُرَادَ فَقد حَقَّقنَا الرَّغبَةَ .. وَأَزلْنَا عَنِ الحَرفِ الْفَصِيحِ المَلِيحِ الْعَنَاءَ وَالرَّهْبَةَ ..!!
إِنَّ الزَّمَانَ غَالِبٌ بِصُرُوفِهِ ..
قَاهِرٌ بِأطوَارِ ظُرُوفِهِ ..!
حَكَمَ عَلى العَالَمِ بِالِاتِصَالِ .. وَالسَّيرِ فِي رِكَابِهِ بِلا انفِصَال .. عَلى الخَيرِ وَالشَّرِّ .. وَالْكَرِّ وَالْفَرِّ ..وَعَلى الوَلَاءِ وَالجَفَاءِ ..!!
حَتَّىٰ بَاتَ دَارًا وَاحِدَةً .. إِلَيهَا تَأْوِي الأَجْيَالُ الْوَافِدَةُ ..
فَتَكَاثَرتِ العِلَلُ وَالأَرزَاءُ .. واسْتَعصَت عَنِ الطِّبِّ والشِّفَاءِ ..
وَهُمُومٌ أُخرَى تَجِلُّ عَنِ الذِّكِرِ والْإِحْصَاءِ ..!!
لَولَا أَنَّ بَعضَهَا عَصَرَ الأَروَاحَ عَصْرًا .. وَتَمَاهَىٰ حَتَّىٰ نَالَ مِنَ الهَويَّةِ .. بِاسمِ الثَّقَافةِ والحُرِّيّةِ ..!
وَرَوَّجَ لِلمَتَاعِ الْمَرذُولِ .. وَزَادَ فِي هَزِيمةِ الرّهْطِ المَخْذُولِ ..!
فَجَرَى عَلى اللُّغَةِ المَسْخُ .. وَعَلى النُّطقِ الاِنحِلَالُ وَالفَسْخ ..!
وَأَحكَمُوا لَهَا التَّدبِير .. وَقَدَّرُوا لَهَا التّتْبيرَ والتَّدمِير ..!
وَأَطفَأوا جَمرَتَها بِالتَّخَرُّصَاتِ .. فَشَمِلت البَلوَىٰ كُلَّ التَّخصُّصَاتِ ..!!
وَأَودَعُوا بَقِيَّتَهَا فِي شَبَكَاتِ التَّوَاصُلِ ..!
فَقَطَعُوا الأَرحَامَ وَالحَوَاصِل ..
وَأَفْشَوا العَامِّيَّةَ .. وَخِفَّةَ الأُمِّيّة .. فِي الدَّردَشَةِ الإِلِكتُرونِيَّةِ ..! وَدَأَبُوا عَلى نَحوٍ قَرِيحٍ ..وَإِملَاءٍ جَرِيحٍ .. وَمُصطَلَحٍ مُخْتَصَر .. يَضِيقُ عَنِ المَقَاصِدِ وَالعِبَرِ ..!
وَمَالُوا إِلى الأَيْقُونَاتِ وَالرُّمُوزِ .. وَغَلُّوا لِسَانَ الحَرفِ العَجُوزِ ..! وَنَاوَشُوهُ بِمَعَاوِلِ الهَدْمِ ..
وَسَامُوهُ بِالاِنتِقَاصِ وَالرَّدمِ ..!
وَتَبَدَّعُوا فِي أَصنَافِ اللُّحُونِ .. وَتَغَنُّوا بِهَا فِي الشِّعرِ وَالفُنُونِ !..
حَتَّىٰ جَاءَتِ العَوْلَمَةُ تَشُقُّ رَمسًا .. وَتَحجُبُ شَمسًا ..
وَتُزَحزِحُهَا عَن مَكَانِهَا الطَبِيعِيِّ .. وَتَخُصُّ ضَرَائِرَهَابِالمَكانِ الطَلِيعِيِّ ..!!
فَكَيفَ يُجْتَلَبُ إِنْصَافٌ بِضَيْمٍ ..؟!
وَأنَّىٰ تُشرِقُ شَمْسٌ مَعَ غَيْمٍ ..؟!
وَمَتىٰ أُصْحِبَ وُدٌّ بعَسْفٍ ..؟!
وَأَيُّ حُرٍّ رَضِيَ بِخُطّةِ خَسْفٍ ..؟!
فَدَبَّجنَاهَا مِن مَعَانِي الأَدَبِ أَوجَاعَهَ ..!
وَمِنَ البَدِيعِ أَسجَاعَهُ ..!
وَفِيهَا مِنَ المَاضِي رَجْعُهُ .. وَمِنَ الحَاضِرِ صَدْعُهُ..!
وَهِيَ نَفْرَةٌ تَؤُزُّ اللِّسَانَ أَزًّا .. وَتَهِيبُ بِالأَقلَامِ هَزًّا ..!
تَحُضُّ المُتَخَلِّفينَ عَلى الرَّكْبِ لِلالتِحَاقِ .. وَتَجرِيدِ الأَسنَّةِ عَلى المُبطِلِينَ لِلاختِرَاقِ .. !
دَعَتْنَا إِليهَا الضَّرُورَةُ .. وَمُواسَاةِ اللُّغَةِ المَقهُورَةِ ..!
لُغَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَدِيلٌ .. فَاتُّخِذَ التّبَعُ لَهَا بَدِيلٌ ..!
وَفِيهَا آنسْنَا أَلفَاظًا وَحشَتْ مِنٰ أَهلِهَا الجَفَاءَ .. فَأصَابَهَا الهُجْرَانُ وَالعَفَاءُ ..!!
وَجَعَلنَا لهَا مَحَالَّ مَخصُوصَةً .. وَمَعَانِيَ مَنصُوصَةً..!
نَسقِي فُرُوعَهَا الذَّاوِيَةِ .. ونَغْمُرُ أَرضَهَا الخَاوِيَةِ ..!
فَيَا أَرضُ اْبلَعِي مَاءَكِ .. وَأَخرِجِي نَمَاءَكِ .. !
وَلَكُن مَا أَكثَرَ الوَارِثِ ..! وَمَا أَقَلَّ الحَارِثِ ..!
وَقَد أَفْلحَ الغَائِصِ .. وَمَن جَمَعَ الخَصَائِص .. وَغَالَبَ النَّقَائِص ..!!
وَمَا لِأَحَدٍ مِن عُذْرٍ بَعدَ أَن جَاءَتِ النُّذُرُ ..
وَلَا يَنفَعُ حَذَرٌ مِن قَدَرٍ ... هَذَا نَزرٌ مِن وِزْرٍ .!.!
سَمَحَ لَنَا أَن نَّفْتَحَ بَابَ الحَدِيثِ فِي طَرَفِ القَضِيَّةِ ..
وَنُشَخِّصَ الدَّوَاءَ لِهَذِه البَلِيَّةِ ..!
وَنَلتَمِسُ أَسبَابَ الخُرُوجِ مِنَ الرّزِيَّةِ ..!!
سُقْنَاهَا فِي خُطَّةٍ مَرسُومَةٍ ..
وَنُصُوصٍ مَقسُومَةٍ .. !!
سَلْسَالُهَا رَقرَاق .. وَمِدَادُهَا دَفَّاق ..!
لَا نَستَدعِي الإِعجَابَ ..
بَلِ النَّصِيرَ وَالِاستِصْحَابَ .. !!
وَمَرَامُنَا التَّحفِيز .. لَا الدِّيبَاجَة وَالتَّطرِيز ..!
نَنحَتُ صَخرَتَها بِالأَظَافِرِ ..
وَنَمسَحُ عَلى الشَّوَارِدِ وَالنَّوَافِرِ ..!!
حَتَّىٰ نُوَفِّيَ جَمَالَهَا بِالأَوصَافِ .. وَنُكَافئَ لِينَهَا وَدَلالَهَا بِالإِنصَافِ ..!
فَإِنْ أَصَبنَا فَتِلكَ مِنَّة .. وَإِنْ أَخْفَقْنَا فَتِلكَ جُنَّة ...!!
( يَتْبَع .. )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق