منذ أن كنت صغيرة، بالتحديد بالصف الأول الإعدادي، كنت اشرب واقتات واستمتع بكتابات هذا المبدع العبقري المبتكر السيد الفاضل والأديب المحترم الدكتور نبيل فاروق.
قرانا له صنوفا والوانا من الأدب مثل ادب الخيال العلمي والادب البوليسي والأدب الاجتماعي والرومانسي، لم يترك مجالا أدبيا الا وكتب فيه، الدكتور نبيل فاروق .. رجل المستحيل وأسطورة الشباب.
عاشت كتاباته معنا طيلة ثلاثين عاما، هل هذه مدة بسيطة حتى نستطيع نسيانه؟! او حتى كتابة كلمات قليلة في حقه؟!
الموت حق علينا جميعا، لكنني لا أنكر ابدا مدى حزني حينما سمعت عن خبر وفاته، اتصفح الفيس بوك باستمرار واقرأ كلمات قرائه الحزينة والمتألمة وذكرياتهم مع كتاباته وكانها تعبر تماما عما مررت به من ذكريات طوال مسيرة تعرفي على كتابات هذا الكاتب المبدع،.
الدكتور نبيل فاروق - رحمه الله - استقطبت كتاباته الملايين من الوطن العربي من أقصاها الى ادناها، عرف بادبه المحترم والأخلاقي والقيمي، تتلمذنا على يده منذ ان كنا اطفالا، علمنا معاني الشرف والاحترام والوفاء والإخلاص وحب الوطن، و لولاه ما عشقنا القراءة والكتابة.
كانت لي محاولات كتابية منذ ان كنت صغيرة نشرتها في الصحف المحلية ولا ازال احتفظ بها واعتز بها لانها بداية انطلاقي الى عالم الكتابة والشرارة الاولى، في الوقت الراهن أصدرت مجموعتين قصصيتين، كم كنت اتمنى ان يقرأ الدكتور نبيل فاروق إصداراتي وان انال شرف الاستماع إلى رأيه.
تعلمنا منه معاني الولاء وحب الوطن، علمنا معنى الشهامة والاعتزاز بالقومية العربية، علمنا الثقافة والاسلوب الممتع في الكتابة، ووصف الشخصيات والسرد البديع وتوظيف الأزمنة والأمكنة، سافرنا معه إلى كل بقاع العالم وكأننا نراها بام اعيينا.
وعلى الرغم من اننا كنا طلابا نقلق من قدوم الامتحانات والواجبات ونسعى إلى التخرج بمجموع جيد الا ان رواياته وقصصه لم تكن تفارق حقائبنا المدرسية، ولم نكن نمتلك اوقاتا للفراغ، بل كنا نوظف معظم اوقاتنا في القراءة.
ماذا يعني أن نعرف الأسماء من مختلف الدول والمناطق وطباع الشخصيات وأسماء المخابرات والرتب العسكرية ونحن لا نزال أطفالا؟!
لقد سافرنا الى دول العالم مع ضابط المخابرات المصري أدهم مصري وكنا نستمتع بانتصاراته المستمرة على أجهزة المخابرات في العالم.
سافرنا الى الفضاء ووجدنا أنفسنا نحلق عبر الثقب الاسود لننتقل إلى اكوان وعوالم أخرى مع المقدم نور الدين محمود وفريقه سلوى ورمزي ومحمود.
هل يعقل أن كل تلك الشخصيات قد رحلت والى الأبد؟
نعم .. رحلت ورحل معك كل شيء جميل، لن نستطيع الان ان نعرف مصير شخصيات قصصك التي أحببناها، كنا نسافر معها ونقلق من أجلها ونفرح بانتصاراتها.
لقد رحلت معك الى عالم آخر، لكن الذكريات ستبقى هنا .. في عقولنا وقلوبنا.
ذكريات جميلة عاشت معنا، في مراحل متعددة من حياتنا.. المرحلة الاعدادية ثم الثانوية ثم الجامعية.. الى الوظيفة وتكوين العائلة والأولاد.
نحن الآن نحكي لأبنائنا عنك وننقل اليهم ادبك وفكرك الراقي المحترم، ونشجعهم على قراءة ادبك الجميل، نكلمهم عن سلسلة روايات مصرية للجيب وا. حمدي مصطفى مدير نشر المؤسسة العربية الحديثة، والفنان الرسام اسماعيل دياب - رحمه الله - وسلسة رجل المستحيل وملف المستقبل وزهور وارزاق وع × ٢ وفارس الأندلس وغيرها الكثير.
نحن نزرع في الجيل الحالي ما تعلمناه منك ونوصيهم بالأجيال القادمة.
لولاك لما امتلكنا هذا القدر من العلم والثقافة، لولاك ما عشقنا القراءة والكتابة، انت كنت ولا تزال مؤسسة تربوية عظيمة تعلمنا منها الكثير وكنا ولله الحمد من أشد المحظوظين.
رحمك الله بواسع رحمته.
أيها الاستاذ..
والمعلم..
والمربي..
والملهم..
رحمك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق