الأحد، 14 يونيو 2020

القلم ؛ بقلم الأديب د / طارق رضوان ( مصر 🇪🇬 )

"القـــلم

وتصالحنا وعم بيننا الصفاء . وذكرته وذكرت فضله على إنجازاتى . علمنى الطُهر ... علمنى النقاء. علمنى أن الله نور. علمنى أن للدنيا دهور. علمنى أن الحق باق... وأن الظلم يزول. علمه رب الخلائق أن يُعلمنى الخط والكتابه. علمه أن فى تعليم المولى البعد عن الحزن والكأبه. إنه القلم بريد القلب يُخبر بالخبر وينظر بلا نظر.

عليم بأعقاب الأمور كأنه***لمختلفات الظن يسمع أو يرى***إذا أخذ القرطاس خلت يمينه*** يفتح نورا أو ينظم جوهرا(ابن المعتز).

وما زال الربّ ينادي نون والقلم وما يسطرون ونحن نعانده قائلين : السيف أصدق أنباء من الكتب. ويحضرنى هنا قول على بن ابى طالب حين قال:" عقول الناس مدونة في أطراف أقلامهم". القلم هــو شجرة ثمرتها الألفاظ. القلم مرآة القلب وترجمان العقل.

رحم الله ابن أبي داود فقد كان قلمه سفير العقل، ورسوله الأنبل، ولسانه الأحول، وترجمانه الأفضل. وسُقياً لنابليون بونابرت ،القائد الفرنسى الذى أمن بقوة القلم أكثر مما أمن بقوة السيف فى الحروب:" عماد القوة في الدنيا اثنان : السيف والقلم , أما السيف فإلى حين , وأما القلم فإلى كل حين , السيف مع الأيام مكروه ومغلوب , والقلم مع الأيام غالب ومحبوب. وهذا ما يؤكده تشى جيفارا :" لا شئ اسوء من خيانة القلم .. فالرصاص الغادر قد يقتل أفرادآ .. بينما القلم الخائن قد يقتل أممآ."

ومن يدافع عن قوة القلم غير أديب مُفوه وخبير بفنون الأدب وأنواعِه ، ويليام شكسبير القائل :" مداد قلم الكاتب مقدس مثل دم الشهيد". فيالها من صورة جمالية بليغه مختصرة الحروف شاملة المعانى. ولذلكفالقلم رغم خصاله المميزة ، إلا أنه سلاح خطير فى يد الغافل الجاهل... القلم بيد السفيه كالخنجر بيد الطفل.

فََكّر على الورق ، لأن من يُفَكِر على الورق يمسك القلم فيصبح صديقاً له و ينجح أكثر من غيره. وكل انسان كاتب .. إذا صدق مع القلم. فكم ضاعت أفكار تساوي ملايين الدولارات بسبب عدم وجود عقب قلم رصاص و قصاصة من الورق.أليست الأقلام مطايا الأذهان؟!

ليس السيوف عن الأقلام غانية*** الفري للسيف والتقدير للقلم.

ويرى محمد علي جناح ( محام وسياسي ومؤسس دولة باكستان) أن هناك ثلاث قوى بالعالم

هناك قوتان في العالم : واحدة هي السيف والأخرى هي القلم .. وهناك تنافس وتحد كبيرين بين الاثنتين وهناك قوة ثالثة أقوى منهما : تلك هي التي تملكها المرأة."

وترى جويس ماير لأنها تملك القلم والاحلام أنهما يمكنهما أن يأخذوك  الى أي مكان تشاء. وإذا تبلورت الفكرة و حضرك الإسلوب .. لا ينقصك إلا الورقة و القلم .. أو خانات عبر تويتر و فيس بوك. ومن المضحكى المبكى ما يذكره محمد الماغوط ليبين موقف الحضارات من أرباب القلم حين يقول :" هذا القلم سيقودني إلى حتفي .. لم يترك سجناً إلا وقادني إليه ولا رصيفاً إلا ومرّغني عليه."

قال علماؤنا : الأقلام في الأصل ثلاثة : القلم الأول : الذي خلقه الله بيده ، وأمره أن يكتب . والقلم الثاني : أقلام الملائكة ، جعلها الله بأيديهم يكتبون بها المقادير والكوائن والأعمال . والقلم الثالث : أقلام الناس ، جعلها الله بأيديهم ، يكتبون بها كلامهم ، ويصلون بها مآربهم . وفي الكتابة فضائل جمة . والكتابة من جملة البيان ، والبيان مما اختص به الآدمي .

صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث أبي هريرة ، قال : لما خلق الله الخلق كتب في كتابه - فهو عنده فوق العرش : إن رحمتي تغلب غضبي . وثبت عنه - عليه السلام - أنه قال : أول ما خلق الله : القلم ، فقال له : اكتب ، فكتب ما يكون إلى يوم القيامة ، فهو عنده في الذكر فوق عرشه .

لكن ما موقف الرجال من الأديبات؟... يجيبنا فهد العودة قائلاً:"هكذا هم الرجال يخافون من المرأة التي تتخذ القلم سلاحا للدفاع عن مشاعرها حين تتعرض للأذى أو الإهانة التي ولربما لا نأخذها في عين الاعتبار."

وأخيراً كفى قلم الكتاب مجدا ورفعة*** مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم:" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)". القلم رسالة .. القلم رسول رحمة و هداية و عطاء.

ويُعرِف عبد الله الغذامي الكتابة بأنها ماء يجري على نهر القلم ويتدفق على لسان الكاتب قادماً من سحب اللغة ومزنها الدفاقة. إنّ في القلمِ لشيئاً إلهيًّا يدفع الموتَ والنّسيان عن المعاني التي تُكْتَبُ إلى أجلٍ طويلٍ، كأنّ القلم ينتزعها من الإنسان الذي هو قطعة من الفناء ليبعد الفناءَ عنها.

(مصطفى صادق الرافعي).

وأخيراً وفي الصحيح من حديث ابن مسعود : أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة ، بعث الله إليها ملكا فصورها ، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها ، ثم يقول ، يا رب ، أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول : يا رب أجله ، فيقول ربك ما شاء ، ويكتب الملك ، ثم يقول يا رب رزقه ، فيقضي ربك ما شاء ، ويكتب الملك ، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده ، فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص ، وقال تعالى : إن عليكم لحافظين كراما كاتبين .

فمولدنا بور قة وقلم... ونتعلم ونحصل على شهادة للعمل بورقة وقلم... ونؤدى الخدمة العسكرية بورقة وقلم...ونتزوج بورقة وقلم... وننجب البنات والبنين بورقة وقلم...ونرحل عن الدنيا بورقة وقلم لنلتقى فى الأخرة مع رب لطيف وصحف مطهرة مكتوبة بالقلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لبنان الصمود في سطور

  في كل مرة تعرض فيها لبنان لعدوان، كان يثبت للعالم أنه أرض الصمود والتحدي. من الغزوات والاحتلالات التاريخية إلى العدوان الحديث، كان الشعب ا...