( تأملات في كتاب الحياة )
إنَّ غنى وافتقار تجربة الانسان الفرد على وجه الأرض لا تُقاسُ بعدد السنوات التي عاشها ولا بالأحداث التي مرت عليه مع العلم أن زيادتها تزيد في فرصه لاغناء تجربتهبل انها تقاس بالاسلوب والطريقة التي تعامل فيها هذا الانسان مع هذه السنوات وتلك الاحداث
فكم هم الاشخاص المبدعون الذين ماتوا في سنٍّ مبكرة
ولكن حياتهم القصيرة لم تمنع التاريخ من تدوين أسمائهم في سجلِّ الخالدين
وكم من أناسٍ بلغوا من العمر مبلغاً تجاوز الحدود المألوفة
وانتهى ذكرهم حتى بين أقرب المقربين منهم حال وفاتهم
بل ربما لم يشعر أحدٌ بوجودهم وهم على قيد الحياة
من منَّا لم يسمع بمصعب بن عمير فتى قريش وأحد شباب الاسلام والذي استشهد في غزوة أحد وهو في ريعان الشباب ولايزال التاريخ يتحدث عنه كعلمٍ من الاعلام البارزين في بداية الدعوة الاسلامية
ومن منا لم يسمع بابي القاسم الشابي الشاعر التونسي والذي مات في العشرينات من عمره وهو صاحب قصيدة
اذا الشعب يوماً اراد الحياة
فلا بدَّ ان يستجيب القدر
ومن منا لم يسمع ببدر شاكر السيَّاب الشاعر العراقي والذي مات في الاربعين من عمره مع انه احد اهم روَّاد التجديد في الشعر العربي الحديث
والامثلة كثيرة لامجال لحصرها وانما ذكرنا من ذكرنا لاغناء الفكرة وتوضيحها
وحتى تكون تجربة الانسان غنيةً فعليه أن يعمل بموجب الحديث الشريف (اغتنم خمساً قبل خمس ،حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وشبابك قبل هرمك ،وفراغك قبل شغلك )
لا تسوَّف ولا تؤجل عمل اليوم الى الغد ولا تتعلل بالظروف لتبرر تقاعسك عن أداء الواجب واجعل لك لسان ذكرٍ فيمن سيأتي بعدك
وليكن أولاً وأخيراًلك ذكرٌ عند الله عز وجل فذلك منتهى الام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق