النص للشاعر الشعبي العراقي حسين شويع
طفل من ياقوت هذا من الحضارات القديمه،
على رفوف الزمن باقي
يريد الاعيون التشربه
خاف يحجي وينكسر ،
يريد رحاله قديمه ،
تكشخ بثوبه الترابي ،
من القرون الهسه واكف ،
بيده شايله مسله ،
اوجه يذبحله نذر ،
سفر عمرك مطر طايح ،
النسمه ماخذته رسايل
للعطش رايح عذر
حسين شويع
النص النقدي : للكاتب جمعة الدراجي
اي طفل ؟؟ يعني الانسان الذي وصفه الشاعر باندر حجر وربما حجر خرافي لا وجود للياقوت على كوكب الارض ربما ان ذلك الانسان نصفه إله هبط الارض من كوكب دري اخر ومن سماوات اخرى . وهذا تماثل لما اوردته الاساطير السومرية يحكى ان البطل كلكامش كانت امه الالهة ( ننسون )زوجة لوكال بندا .
كانت خطواته حذرة خشية الانكسار
فأنبرى ذلك الانسان العراقي لاختراع الحرف هو اعظم اقتراع في العالم واستعملت الالواح السومرية لتكون سجلا حافلا لتدوين الوقائع والتواريخ والشعائر والعقائد لحضارة الانسان الذي مازال طفلا في نظر الشاعر :
(طفل من ياقوت هذا من الحضارات القديمة )
يقف على مشارف الحضارات القديمة يروم الظهور بلون التراب وتلك رمزية غير منقطعة التأويل والترميز والدلالة الايحائية لما للتراب اهمية الحضور في الحضارات الطينة والحضور المفجع في الصراع والتضاد بينما دورة الفصول في النماء لاستمرارية الحياة للشجر والبشر وكافة الكائنات ،وللسفر القديم أحداث ، بعجائب وغرائب اقتفى اثارها النص بوقوف ذلك الطفل القديم محاولا ايجاد ارضين جديدة ومدن اخرى تتبعه الى خيالات المغامرة للخوض في الطرقات والدهاليز التي لا مفر منها حيث الخراب اينما ذهبت بوصلة التأريخ :
(يريد رحالة قديمة
تكشف بثوبه الترابي
من القرون الهسة واكف)
فهو يسير بهدوء وروية خائف كي لا ينكسر خاطر الزمن المعتق في العيون التي تحاول محاكاة حداثوية موضاة الازياء :
(بيدة شايل مسلة )
لكن هذه المسلة رغم وداعة الطرح وكأنه يحمل آنية ماء الورد تحكي قصة الحضارة للانسان العراقي القديم اذ ورد في ملحمة كلكامش اللوح الاول :(لقد اوغل في الاسفار البعيدة حتى حل به الضنى والتعب)
ومثلما اثبتت الملحمة حتمية الموت يثبت النص ديمومة الحياة مشيرا لمواسم المطر ودورة المناخ بين الجفاف والقحط من جهة وبين نماء واخضرار من جهة اخرى ( سفر عمرك مطر طايح )
ويتابع :
( اوجه يذبحله نذر )
ومفردة النذر لها مغزى لاهوتي لدى كل العقائد الدينة التي تعاقبت على بلاد ما بين النهرين .
وبذات الوتيرة الوقت يحمل مجمل التأريخ المتمثل بالمسلة التي وردت في نصوص الحضارات القيمة مثل مسلة حمورابي ولائحة الحقوق وقانون
الملك آر نمو فهو مؤتمن على المرور عبر الزمن يحمل رسالة وهذه الرسالة تحمل اسطرة فائقة الدلالة فيها من الوعي لملاقات (العطش )وهنا مفردة غنية الإيحاء ، فان ذلك الانسان العراقي الواقف عبر ازمنة القحط والفجيعة والحروب والأوبئة والطوفان اذ ليس له من سفينة تحمله غير هذه المسلة لتنظيم الحياة التي ابدعها ذلك العقل الذي يستشعر هطول المطر بمواجهة العطش
وما دام هناك غيوم قادمة فثمة بشارة يحملها المطر جالب النعمة والنماء وتعاقب الفصول ، ستضيق زوايا الخراب وسيوفى النذر وتستمر الحياة فالمطر يحيي الارض الخراب يبشر بالحياة وهنا يأتي بعكس ما جائت به الملحمة اذ رجع كلكامش يائسا من مغامراته في سبيل الحصول على الخلود
حمل النص بالرسائل الانسانية الحساسة لقادم الاجيال .
نص غزير ثرِّ الرمزية يوحي بالدفء الشعري وجدير بقدح الفضول لترقب لما سيحدث فيما بعد بمواصلة جذب خفايا الحواس وترقب الاستبصار لما وراء النص.
جمعه الدراجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق