الخميس، 4 يونيو 2020

رحلة البحث عن مفقود / بقلم الكاتب المصطفى نجي وردي




الحلقة السادسة 
                      رحلة البحث عن مفقود

أدارت نبيلة لسانها يمنة وسيرة وكسرت الصمت عمر..من عمر..؟!
أستسمح عن نقر ذاكرة الماضي،لقد سقط مني اسمه سهوا،وفي غفلة لتقدير مشاعرك،سحبت كلامي أدركت نصيرة.
لكن قمة الحرج الذي وجدت فيه نبيلة ،لم يرحم نصيرة،فأصرت وألحت لمعرفة ما نطق به لسان رفيقتها.
فما كان من نصيرة إلا أن شرعت تسرد ما وصل إلى مسمعها،أو ما كان يروج داخل الشركة على لسان بعض المتطفلين،أن عمر كان صديقا مقربا لزوجك الذي كان يعلم بإعجابه بك.
بيد أن أنانية قاسم  الزائدة وتعلقه بك أيضا جعله يتحايل لإقناعه بإكمال دراسته بباريس،وفتح المجال أمامه ،كي يغنم بك.
وجهلا من عمر الذي لم يكن يعلم أنك هدفا من أهداف قاسم المسطرة،سافر على أساس العودة بدبلوم عالي يمكنه من إدارة وتسيير المصحة والظفر بك شريكة لحياته..
نطقت نبيلة:سامحه الله..في نيتي أن عمر تخلى عني وتركني للآهات...
حسبته رأى الشروق في مكان ما فأسرج صوبه...
حملقت في السماء مليا وغالبت زفرات تخرج تلو الزفرات...
انتهت مدة الراحة وعادت كل منهما إلى بيتها..
فتحت نبيلة صفحة الماضي من جديد،جمعت أشعة الشمس حولها وأنار،،بعدما اوهمت نفسها بإقباره للأبد..

أحست دافعا خفيا يرسل نورا متقطعا وسط غياهب الدجى،استهدف ذاكرتها،فهيجت ذكرى تلوح من بعيد،فانتصب حاملا للعصا يشق طريقا أدخلها في صراع داخلي مع نفسها ومونولوج طويل..
ماذا سيقال عنها إذا التقت به..؟!
كيف يقابلها بعد هذا الزمن العقيم.؟!
وفي الأخير لبت دعوة الداع(الداعي)،بعد أن أوصت الخادمة خيرا بابنيها.
شدت الرحال إلى باريس لإحضار مستلزمات المصحة،وكلها جاهزية وتحفيز لرؤيته،مهتدية بالمعلومات المنتقاة من صديقتها نصيرة..لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن،إذ هالها ما آلت إليه...
ظروف استثنائية لم تكن في الحسبان،فاختل الميزان،وأفقد التوازن في غمرته،نزل ضيف ثقيل أركن العواطف والمشاعر جانبا،ووضع السيف على رقاب من سولت له نفسه الاقتراب والاختلاط،وأسمعت صفارة الإنذار كل ناطق،صغيرا وكبيرا،غنيا وفقيرا،رئيسا ومرؤوسا،فامتلأت القلوب غيضا،ووصلت الحناجر..
حينها أدركت أن الزائر في إقامة طويلة،سيقضي بالحجر مدة،فلبت نداء المقاهي حين أقفلت،والمواصلات حين أوقفت،والمؤسسات حين عطلت، والناس لما اختبأت...
شلت الحركة،فأهدت باريس فضاءها للإسعاف والسلطة،وما كان من البشرية إلا الطاعة والقبوع وراء ترقب ما جد من أخبار،وماترامى من حصاد..
وفي خضم هذا الجو الكهرب والمشحون بالخوف والقلق والتوتر،لجأت للتكنولوجيا تبحث في العالم الرقمي عن معلوماته التي ترشدها لدربه.
شاخت دروب باريس، وشحبت شوارع الإليزيه،وفقدت السين بريقها و نضارتها،و ركنت وراء عبوسها وتجهمها المفروض،ففاضت دموع مآقيها وتحجرت في أحداقها،فانكمشت كما تنكمش الحية عند إحساسها بالبرد والصقيع...
          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بلال صبري يعلن موعد عرض "أوراق التاروت" في يناير المقبل بمشاركة رانيا يوسف وسمية الخشاب ومي سليم

  أكد المنتج بلال صبري أن فيلمه المنتظر "أوراق التاروت" سيُعرض في 10 يناير المقبل، مُشيدًا بأداء طاقم العمل المميز الذي يضم كوكبة ...