بقلم: سركاستي موراد
كُتِب كل شيء بسرعة..في رمشة عين..كُتِب على أوراق عذراء...ثم أُحرِقت بتهمة ارتكبها القلم....
أين القلم.....؟
هكذا كان يسأل الحنين.. حين وجد نفسه وحده بين الذكريات المتراكمة...حين استفاق من سكرته بعد أن قضي الليلة كاملة يحتسي من كؤوس الأشواق حبا حتى أفقده وعيه...
ترك السؤال...لم يعد يهمه القلم...ولا البحث عن القلم...أشعل سيجارته وأخذ فنجان قهوته عسى يخفف عنه صداع رأسه جراء افراطه في الكؤووس....لكنّ حتى القهوة لم تعد مهدئة كما إعتادها...بل زادته صداعا أخر أكبر من الذي راوده...
أين القلم اللعين...؟
عاد للبحث عن القلم بعد أن أكمل السجارة العاشرة...وفنجان قهوة خامس....أخذ الأوراق بين يديه..بعضها مكتوبة والأخرى عذراء كالتي أُحرقت في غفوته...
أين القلم....؟..سأكتب..سأعترف اليوم أنني موجود..بكامل قواي العقلية...سأكتب كل شيء...لا أحد يمنعني..أنا حر..أنا حر.....
بقي يتنقل بين أرجاء غرفته وهو يردّد كلمة الحرية كما لو أنه لم يتلفظ بها من قبل....حتى الغرفة فقدت بصرها ولم تعد تنير بعد أن فقدت مصباحها الوحيد....لا يوجد مصباح أخر يمكنه إنارة الغرفة....خلق الله من كل شيء شبيها...لكنه لم يخلق مثله...لم يخلق شبيها للحرية مثلا....بل اكتفى بخلق العبودية...
لا...ليس هذا....هل خلق الله العبودية...مستحيل...وماذا نقول عن الذي كان يردد المقولة الشهيرة ومتى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار....
إختلط عليه كل شيء ...حتى الراوي أصبح شخصية داخل النص...هل يعرف الراوي شخصية الحنين؟....
ربما هو كائن زاهد في الحياة...ملتحي قليلا...شعر طويل...و....
هذا ما استنتجته من قصصه التي كان يكتبها ذات يوم...
ولكن من يتحدث الآن...أين الراوي...؟...أين الحنين...؟..أين القلم....؟
آه نعم أين القلم....؟ سؤال في محله...الحمد لله أنك نطقت بكلام منطقي يتقبله العقل....
أتعرف أيها الراوي ..منذ بدأت البحث عن القلم وخوف داخلي أشبه بظلام يداهمك على حين غفلة..فلا تهتدي إلى الطريق الصح ...نعم أجهل هذا الخوف حقا....
أتعرف أيضا أيها الراوي...أن الإعتراف سهل...لكن صعب التصديق به...لنفترض أنني شرعت في الكتابة عن الحرية..هل ستعيد نقل ما كتبته بحذافيره؟....أكيد هناك أشياء ستحذفها خدمة للقارىء...أو أنك تكتب نصا مغايرا عن الذي سأكتبه حول الحرية....
لا عليك....سأكتب عن الحرية نصا لا يمكن تحريفه مثل الكتاب المقدس...لكن لن يحصل ذلك ما دمت مدمنا على كؤوس الحب حدّ الثمالة...مادامت السجائر لا تفارقنا....حينما أكون في وعيي الكامل....وقتها إما النوم أو السهر والكتابة...............
الجزائر 25 04 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق