الاثنين، 21 ديسمبر 2020

لقاء ؛ بقلم الكاتب والشاعر / على السيد حزين ( مصر 🇪🇬 )


 

لقاء ....

ـ الدور الثالث .. علي يدك الشمال .

 ــ.....................

 تخيلت منظره.. وارتباكه .. لما يراني ..والاندهاش يملأ وجهه .. دقائق معدودة .. وأقف أمامه ــ لأول مرة ــ وجهاً لوجه .. شعور بالخوف يغزوني ..ورعشة خفيفة سرت في جسدي المتهالك.. فالمهمة شاقة .. وثقيلة .. تنوء بها الجبال .. تمالكت أعصابي المطربة ..زرعت ابتسامة بيضاء بين طرقات وجهي ..المترب من وعثاء السفر .. وبعد ما اقنعت نفسي .. بأن الموقف هين .. وابسط مما اتصور .. أدرت ظهري لأصعد درجات السلم ..وخزتني جملة سخيفة ..مججتها.. وسئمت سماعها 

 ــ بطاقتك علي الباب لو سمحت ...؟

 ــ ..............؟!

 ذبلت ابتسامتي .. يبست .. وسقطت في الحال .. تجاوزت المدخل .. حاولت ان ازرع ابتسامة أخر غيرها .. ففشلت .. شد انتباهي كائن غريب .. قابع هنالك .. استوقفني قليلاً .. حرك فضولي .. فأخذت أتأمله في اندهاش .. (أحد العاملين بالمبني .. لما لاحظ فضولي .. واهتمامي ..أبتسم .. وأخبرني بأنها نافورة مياه) ابتسمت له .. وخجلت من نفسي .. وواصلت الصعود لأعلي .. كانت قدماي من شدة لهفتي للقاء .. تلتهم ثلاث أو اربع درجات في خطوة واحدة .. حضرتني صورته ..التي طالما رسمتها له في مخيلتي .." شاب وسيم .. حصيف .. يشع ذكاءً وفطنة .. يجلس علي كرسي , هزاز يدور ..في مكتب فخم , ضخم .. مطرزة حيطانه باللوحات .. والتحف .. وشهادته الورقية .. الكثيفة .. والنجف الكريستال .. يتدلى من السقف .. والمُكِة الأخضر.. ذو الوبرة الناعمة , المنقوشة .. وفظات الورد..موزعة في المكان .. بطريقة رائعة ..لا تخلو من ذوق فنان ..مرهف الحس وطابور من الموظفين .. يقفون أمامه ..والتلفونات لا تكف عن الرنين .. والمكيف يعمل علي تلطيف الجو ".. داخلني شعور بالفخر .. والاعتزاز.. والغبطة وخلت للحظة بأن هذا الحدث تاريخي.. ووصلت اخيراً .. توقفت في الممر الجانبي أمام البهو المكدس .. بالمكاتب المرصوصة .. شد أذنيّ راسي الطنين المنبعث من الداخل .. ببطء .. قدمت احدي قدمي .. وأخرت .. بضع خطوات واجفة .. وقفت في حذر شديد .. علي الباب .. ورحت اقلب بصري بين المكاتب لعلي اجده .. سألني أحدهم  .....

 ــ ماذا تريد ...؟

  ـــ....... .. ؟! 

 فأشار إليه .. وانصرف .. ووقفت أمامه .. أتأمله .. بابتسامة رقيقة .. صافية .. كان يتصفح الأوراق التي امامه .. باهتمام بالغ .. وبجواره فتاة حسناء .. جميلة .. محجبة .. تقرأ في " جريدة المساء " .. في صمت لذيذ .. تطلعت إليه في سكون .. وعندما تنبه لوجودي ..رفع رأسه.. خلع نظارته .. تفرسني .. تفحصني ثم غرس عينيه ـ من جديد ـ في الأوراق التي امامه .. ثواني معدودة .. مرت علي ثقيلة جداً .. دهمني فيها شعور بالمرارة .. والأسف والحسرة .. تملكني الإحباط .. فكل شيء قد انهار أمامي .. وجاء علي خلاف ما كنت أتوقع .. أو أتصور .. كدت أخرج من عقلي .. أصرخ في وجهه ( أنت مكانك ليس هنا ) .. ولكني أمسكت عن الكلام .. وعدت إلي نفسي .. تنحنحت ..أردت أت أعرفه بنفسي .. تكلمت فخرجت النبرات .. مخنوقة من الغيظ ..وظل يستمع إلي بابتسامة صافية .. لا يعكر صفوها شيء .. وهو هاش باش في وجهي .. غير مقطب الجبين .. ثم قاطعني .. ورحب بي من جديد .. وكرر.. وأسهب في الترحيب .. وكان كريماً للغاية .. وسأل عن الأصدقاء .. وحالهم .. وعن سير العمل .. وأخر الأعمال .. كل ذلك والابتسامة الجميلة تزين وجهه .. وتتسع لتسع الدنيا .. والعالم .. والناس .. وأنا لم ازد عن كلمة واحدة ..( بخير والحمد لله ) .. يأتيه رنين الهاتف .. يأخذه مني .. يتحدث .. يضحك .. يداعب قلمه .. بأصبعه الشاهد .. وهو يُحَدِجني بنظرات واسعة .. وأنا من حين لأخر .. اختلس النظرات إلي الفتاة .. ذات البشرة البيضاء .. الناعمة .. الجالسة بجواره ..كمليكة .. لعلها تكن قد فرغت.. من تقليب الصفحات .. لتشاركنا الحديث .. يصمت برهة .. ثم يتكلم بصوت خافت .. وكأنه يحدث نفسه.. يقول شيئاً لم أتبينه .. وأنا مخنوق .. ضائق بما أري .. فلا مكتب ضخم .. ولا كرسي يدور .. رميت بصري علي الأرض .. وأطرقت صامتاً .. أهيئ نفسي للحديث .. وانتظر ان يضع السماعة .. ليلتفت إليّ .. حتي اكلمه في الموضوع .. الذي جئت من أجله .......



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

لبنان الصمود في سطور

  في كل مرة تعرض فيها لبنان لعدوان، كان يثبت للعالم أنه أرض الصمود والتحدي. من الغزوات والاحتلالات التاريخية إلى العدوان الحديث، كان الشعب ا...