الاثنين، 8 يونيو 2020

عندما لا اكتب/عندما اكتب، مساجلة بين د. إياد حرفوش والشاعرة الرائعة فاتن شيمي




 

عندما لا أكتب
أعرف أن الموت تقدم خطوات،
في معركته مع الحياة داخل جسدي..
عندما لا أكتب،
أعرف أن نصفي الذي لا أحبه يسرق أيامًا من عمري..
يعيش بدلا مني، يرتدي جلدي وينتحل صوتي،
وينظر من خلف عيني!

إياد

عندما أكتب..
أنتحب، أتضور وجعا..
أكابد ولادة الفكرة المستعصية..
أدخل حربا شعواء معها..
تصارعني، أصارعها..
أنتصر و أدمي كبرياء الورق..
و أنجب الكلمة..
لها ملامحي و جيناتي
لون بشرتي، لون عيوني..

فاتن

عندما أكتب، يتراجع الموت أمام سنان قلمي،
وأكسب مربعا جديدا للحياة..
عندما أكتب، أستعيد جلدي وحنجرتي وعيوني
من الآخر الذي يساكنني في جسدي..

إياد

عندما أكتب،
أزيل المساحات الداكنة من الكون،
و أستبدلها بلون زهري..
عندما أكتب تتسع رئتاي،
و يصبح الهواء برائحة اللافندر..
عندما أكتب،
أصبح خفيفة كريشة،
منيرة كنجمة..
عندما أكتب،
أمسك ثلة من النجوم،
و أضعها قلادة في جيدي..
عندما أكتب،
أسمع تدفق الدم في شراييني..
عندما أكتب،
أتصالح مع الكائنات غير اللطيفة..

فاتن

عندما أكتب، أستعيد ملكية الكون!
أحصل على حق الانتفاع بكل قلب وكل عين! 
وأوقع اتفاقية التحرير من المتى والأين

إياد

عندما أكتب،
أتحرر من قضبان الكون،
و أقطن كونا فضفاضا،
يتواءم مع حجم محبرتي..
عندما أكتب،
أجوب أقطارا، 
و أزور بلدانا،
و أنطق لغات،
و أنا لم أبرح مكاني..
عندما أكتب،
 يصبح الطقس،
ربيعا دائم الخضرة..
عندما أكتب،
تصهل روحي..

فاتن

عندما أكتب، أعيد تعريف الأشياء!
أسابق آدم لأتعلم كل الأسماء
عندما أكتب، أعيد تلوين السماء!  
عندما أكتب ..
أسجل "لاءاتي" الألف في سفر الرافضين!
وأحرر آهاتي المائة ألف، بكتاب المعذبين
عندما أكتب، أوثق كل الأحداث غير المرئية: 
أوثق لمعة لحظة العشق الأولى في العيون
تردد الكفوف بين اللهفة والخجل عند اللقاء
اختلاج القلب لمرور طيف الذكرى..

إياد

عندما أكتب،
تتسع دائرة الضوء..
عندما أكتب،
تحتضن الأمواج بعضها البعض..
عندما أكتب،
أرى هالات تفرد من الإشعاعات،
تحوم حولي..
عندما أكتب،
أصادق العصافير،
و محار البحر..
عندما أكتب،
أرى الشمس إكليلا من نور..
عندما أكتب،
أمسح الشقاء،
و أغتال الفقر،
و أدحض الكراهية،
و أغتال المرض..
عندما أكتب،
أمجد الحب..
أجعله دستورا يحتذى به..
و ألبسه رداء من خلود..

فاتن

عندما أكتب .. يلتزم الموج بكلماتي
تلتزم الريح بسكناتي، تسكن ثكناتي 
وتصوم النار عن الحرق، وتراود أبياتي..

إياد

عندما أكتب،
أوقع معاهدة صلح مع الكون..
عندما أكتب،
أخترق جسد الكلمات،
و أغوص في خاصرة المعنى،
و أستخرج اللؤلؤ،
و الياقوت و المرجان..
عندما أكتب،
أصبح كائنة نورانية..
كلماتي همس..
نظراتي ظلال..

فاتن

هناك 4 تعليقات:

  1. روووعة...موفقة ان شاء الله

    ردحذف
  2. كلمات رائعة و ذات حكمة ومغزى رائع
    تعبر عن فكر راقي
    دام نبض قلبك و حرفك تحياتي والياسمين دكتورة أنسام المغربي

    ردحذف
  3. كلمات رائعة جدا و ذات مغزى رائع
    تعبر عن فكر راقي دام نبض قلبك و حرفك تحياتي والياسمين دكتورة أنسام المغربي

    ردحذف

لبنان الصمود في سطور

  في كل مرة تعرض فيها لبنان لعدوان، كان يثبت للعالم أنه أرض الصمود والتحدي. من الغزوات والاحتلالات التاريخية إلى العدوان الحديث، كان الشعب ا...