هو دبش
مقارنة بين وداعة الكلمة و ضرورة الصراحه
كثيراً ما نسمع هذه الكلمات من شخص ما معترضاً على نصيحة قالها له أحدهم..
مع اتفاقنا أن هناك فرقٌ كبيرٌ بين الصراحة المملؤة محبة و الدبش القاسي عديم الذوق ..إلا أن هناك من يرفض النصيحة مهما كانت..
و لكن علينا أن نستوعب أن الذين عاشوا حياة قاسيه أو فقدوا في حياتهم الكثير من الفُرص الضائعة.. لم يعودوا على استعداد أن يفقدوا فرصاً أخرى.. أو أن يروا من يحبونهم يفقدون فرصاَ ناجحة في الحياة نتيجة خطأ بسيط قد يغير حياتهم 180 درجة..
فالحياة يا صديقي أصبحت أقصر مما تتخيل.. ومسؤولياتك أصبحت كثيرة .. ومغريات إضاعة الوقت( الانترنت و التليفزيون.. الخ) أصبحت تلتهم سنة في ثوانِ..
و لم يعد هناك وقت لكي تنتظر إجابه دبلوماسية ترضي غرورك .. فإما أن تقبل بالحقيقة و هي الحقيقة أينما كانت.. مغلّفه في سلوفان الشيكولاته الجميله أو عارية عري الطفل في الحمام… ولك أن تقبلها أو ترفضها و لكن أرجوك لا تضيع المزيد من السنوات لأنك لا تتقبل الحقيقة إلا لو كانت على هواك..
إذا صنعت شيئا به خطأ.. تقبّل أن به خطأ فنحن بشر نخطئ ونصيب ولسنا ملائكه !!.. و لا تضع الوقت فى صراع لكي تثبت أن الخطأ غير موجود.. أو تصارع لإثبات أن أي شخص غيرك كان سيخطئ نفس الخطأ..
و ارجوك لا تلوم المنافقين علي الخطأ .. إذ أعتاد الناس على لوم المنافقين حول المدير أو الرئيس ، متغافلين عمداً عن حقيقة أنه لو كان المدير يتقبل النقد ما كان للمنافقين مكان بجواره..
وتحضرني هنا قصة تاريخية حدثت فى القرن الثالث غيرت تاريخ التدين فى العالم كله ..سنة 265 م توفى والد الشاب المصرى أنطونيوس الذى كان غنيا جداً..واذ رأى انطونيوس انه مات ولم يأخذ معه شيئاً من كل أمواله وأراضيه ..تحركت روحه فى مخافة الحساب يوم القيامة و قرر أن يترك هو أيضا العالم و يتفرغ للعبادة ..فباع كل أراضيه ووزع ثروتة كلها على الفقراء..ومضى وحيدا فسكن بجوار عين ماء متعبداً صائماً طوال النهار والليل.. و لكن بعد فترة طويلة صادف أن جاءت سيدة إلى عين الماء لتغتسل و بدأت في خلع ملابسها ، ولما عاتبها على هذا التصرف، أجابته: "لو كنت راهبًا لسكنت البرية الداخلية، لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان"... وإذ سمع الشاب أنطونيوس هذه الكلمات لم يعارضها أو يعايرها بأنه هو الرجل المتدين العالم الفقيه الذي ترك العالم حباً فى الله و هي المرأة الغير محترمة التى أتت إلى مكانه ..بل وبكل تواضع قال في نفسه: "إنه صوت ملاك الله يوبخني"، وفي الحال ترك موضعه ومضى إلى البرية الداخلية، وكان ذلك حوالي عام 285م. ..واستمر حتى سكن في مغارة على جبل بالبحر الأحمر ، ليصير بعدها اسمة هو الأشهر فى التاريخ كمؤسس فكر الرهبنة و يعترف كل الرهبان فى كل العالم حتى الآن أن مؤسس الرهبنة هو مصري اسمه انطونيوس ..
عزيزي القارىء
كم ضاعت بيوت وكم سقطت مؤسسات و تهدمت دول لأن أصحاب الرأي كانوا يرفضون الحقيقة العارية ولم يسمعوا للرأى الآخر ظنّاً منهم أن قولهم هو الحق نفسه ..
و أيضا لا اقول لك كن دبشاَ..و لكن كن أميناً في النقد و تقبّل النقد من الآخرين..
و أن توازن بين وداعة الرد و ضرورة قول الحقيقة
. و يخلّد التاريخ قول العالم ( العز بن عبد السلام ) الملقب بسلطان العلماء الذي قال كلمته الشهيرة فى عدم النفاق : " من نزل بأرضٍ تفشى فيها الزنا فحدث الناس عن حرمة الربا.. فقد خان وهو خائن …"
=================
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق