تقابلنا بالحياة أشباه أحياء لا ظل لهم
يتفنَّنون كيف يقتاتون كل ما هو جميل حولهم لا يبقون على يابسٍ أو أخضر
مثل العَلقَة التى تتغذى على مُضيفها وتمتص دمه بدمٍ بارد إلى أن تشبع
وتنتقل لغيره لِتُعاود دورة حياة جديدة لها
مثل هؤلاء يعيشون بيننا نصطدم بهم ونتساءل كيف يعيشون بقلب مَيِّت ؟؟
وكيف يدهسون بأقدامهم كل شىء حَيٍّ ؟؟ بكل جبروت غير مُبالين لا بِقيمٍ ولا دين
ولا أعراف أو تقاليد وينامون مُرتاحي الضمير فى ثُباتٍ عميق ..هذا النوع مِمَّنْ يُطلَقُ عليهم كائنات آلية لا حياة فيها
لا أَحَد يعرف ولا هذه الكائنات نفسها تَعرِفُ مَنْ هي !!!!كُلما قَفَزت مَسَحَت آثار خُطاها السابقة بِمِمحاة تمحو تاريخها وتَتَسَلَّق لتصنع غيره مناسب لِعَصرٍ آخر تَعيشه
جلستُ أمام شاشة التلفاز وأنا أُفَكِّر بتلك الكائنات التى تَحدثتُ عنها بِمُقَدِّمَتِي السابقة وأخذتُ أبحث بالقنوات الفضائية عن فيلم
أو برنامج فى لحظات يُخَيِّمُ فيها الهدوء وسكون الليل على المكان
وإذا بِي أَجِدُ فيلماً يُعرَض على إحدى القنوات الفضائية"الرجل الذى فَقَدَ ظِلَّهُ"
جذَبَنِي العنوان وجلست أُشاهده والفيلم بطولة نُخبَة من الفنانين
(كمال الشناوي،عماد حمدي،ماجدة،صلاح ذو الفقار،نيلي ،يوسف شعبان،محمود ياسين،نظيم شعراوي،...
وغيرهم من الفنانين العِظام المُخضرمين بالتمثيل والفيلم لِحِقبَة مَرَّت على مصر
قبل ثورة يوليو وتم عرض الفيلم كما علمتُ
من معلومات ٢٨أكتوبر١٩٦٨ وكان إخراج كمال الشيخ وتأليف فتحي غانم وجَسَّد فيه الفنان كمال الشناوي دور"يوسف السويفي"
وكان أول عرض للفيلم بالإسكندرية
وقد قام بتقديم نفس القصة ولكن بمعالجة أخرى الكاتب "موسى صبرى" وقام بأداء دور "محفوظ عَجَب" الشخصية الإنتهازية
الفنان فاروق الفيشاوي والذى شاهده مُعظمنا بالتسعينات(دموع صاحبة الجلالة)
وقام بأداء نفس الدور سمير صبري بالسينما ويحكي الفيلم قصة الإنتهازية والخيانة
فى أبشع صورهاالتى يمكن أن تراها والإستغلال من قِبَل الصحفي
يوسف السويفي واستخدام كافة الطرق الدنيئة للصعود على أكتاف الآخرين مهما بلغَت درجة قُربهم وأهميتهم وذلك بهدف الإنتماء لِطَبقة أرستقراطية أعلَى وتحقيق مصلحته الشخصية من خلال صعودِه
على أكتاف أُستاذِهِ والوِشاية بأصدقائه والتضحية بكل غالي ونَفيس فى سبيل غايتِه ...أعجبنى الفيلم كثيرا وأحداثه
التى تشابهَت بعض الشيء مع تلك الكائنات والعَلقات البشرية التى تحدَّثت عنها بالمُقدمة والتى أثارت اشمئزازي فكثيراً
ما نسمع أو يجمعنا القدر بهم فى حياتنا
مثل هذه الشخصيات تَدوسُ بأقدامها
كل مَنْ فى طريقها بِمُنتَهَى القسوة لتحقيق مآربهم وخاصةً إن كانوا ينتمون لطبقةٍإجتماعية لا تستطيع رفع رأسها عاشت قدراً ليس بِضئيل من الفقر والحاجة وعدم الإنتماء لعائلة وعدم وجود جذور قوية وأصول ثابتة لهم وبالطبع أوَد أن أُنَوِّه هُنا أنا لا أتحدث عن الفقر فكل مَنْ عاش فقيراً لا يملُك المال ولكنه مَلَكَ الشَّرف والأخلاق تاج على رأسِه يُزَيِّنُهُ وسَعى على رزقه وقوت يومه ولم يَتَخَلَّى عن مبادئهِ وذَوِيهِ له كل التقدير والإحترام
ولكن أَخُصُّ بحديثي هنا الأشخاص المرضَى المُتَسَلِّقين الذين عندما تُتاح لهم الفرصة يتحولون لِذِئاب وتظهرُ أنيابهم ويَنهشون بها اللحم والدم ولا يُبقون حتى على كَلَأ الأرض يتحول هذا الإنسان الإنتهازي الذى شَبِعَ بعد جوع إلى كلبٍ مَسعور لا يُراعي عادات
أو تقاليد ويَرمي بِمبادئهٍ ومُعتقداتهِ فى أقرب صندوق للقمامة فهِيَ لم تَعُد تَلزَمُه بحياتهِ الفاسدة الجديدة القائمة على ماذا تِقدِّم لِي لِأرفَع حذاءك فوق رأسي ...
نعم هذا هو حالهم!!
رافعي الأحذية فوق رؤوسهم دون خجل
أو ذرة من الحياء يقتلون ذَوِيهم وهم
على قيد الحياة لا يريدون شيء يُذَكِّرهُهم بماضيهم الأليم ولا بعناوين بيوتهم
التى سكنوها وشَهِدَت جدرانها عليهم
لا يرغبون فى تَذَكُّر أول بدلةٍ لَبسوها مُحتفلين ولا كيف كان رداءة نوع قُماشها
وكيف كانت تلتف حول أجسادهم لِكِبَر قياسها عليهم..أول كراڤت كان مُهدَى إليهم يَتَأَنَّقون بِهِ فى المناسبات والذى كان من الأشياء
التى استغنَى عنها مُديرهم
فى العمل فأعطاهم إيَّاه
تناسوا تماماً صورهم التذكارية بذاكَ الصندوق المُغلَق بأحد الأدراج القديمة ..
لا يرغبون فى أن تَستَعيد أُنوفُهم ذِكرَى رائحة أول عِطر وضعوه رخيص الثمن
أو قِنِّينة استغنَى عنها أحد رؤسائهم فألقاها إليهم...لا يُريدون تَذَكُّر أول حذاء ذابَ ذِهاباً وإِيَاباً واحتاج تَغيير نَعلِهِ ليواصلوا بِهِ رحلة عملهم اليومية راكبين عربة المترو وسط الزحام كل هذا يُريدُ أن يَنساه الشخص الإنتهازي الوصُولي الذى صعد على أكتاف غيرهِ
ولو طالَ لَمَحَى التاريخ بعقول البَشَر
حتى لا يتذكَّر حياته السابقة
أسوَأ أنواع البشر الذين يُمكِن أن تُقابلهم
فى حياتك شخص مُبَرمَج يَسعَى لِهَدَفِهِ بِجُنون يَستَميت لِيَحصُل على أغراضِهِ بِشَتَّى الطُّرُق يَبيعُ مَنْ حولَهُ حتى إن اضطر لتقطيع لحمه وجلده ويعرضهم للبيع سَيَفعَل
أَحقَر مَنْ أَنجَبَتهم الشياطين أفعالهم تُدَرَّس فى عالَم الجَان والأبالِسَة
يَستحقون جائزة إبليس العُظمَى فى الفِسق والفساد الأخلاقي وبَيع الشَّرَف والدم والعِرض والهَوِيَّة وحتى الظِّل كعنوان الفيلم الذى أشرتُ إليه(الرجُل الذى فَقَدَ ظِلَّهُ)
الذى أَكمَلتُ مُشاهدة أَحداثِهِ إلى آخرها لأَرَى نهاية الفيلم لأُشفِي غَليلِي بنهاية هذا الإنسان الوصولي ...وأَصدُقُكُم القَول...
لَقَد أَشفَقتُ عليهِ كثيراً بالفعل هو إنسان مريض نفسي بالرغم من خيانة أستاذه له بعد كَشف حقيقتِهِ وزواج أُستاذِهِ من حَبيبتهِ إلا أَنَّهُ كل ما كان يَشغلُه بالنهاية هو ......
كيف سيَتَأقلَم مع العصر الجديد والصحوة الإجتماعية التى حدثت وقتها وكيف سيُحَوِّل نفسه إلى بطل كافَح بالرغم
من انتمائه لطبقة إجتماعية فقيرة كادحة
كان يُفكِّر..... كيف سيُقدِّم فروض الولاء والطاعة لعهد آخر كيف سيرسم صورة الشريف فى عيون الآخرين
ويبحث عن أحذية أُخرى يرفعها فوق رأسه
يا لها من دناءة وخِسَّة ورخص !!
أدعو الله لِي ولكم أن لا يجمعكم طريق بِمثل هؤلاء وإن حَدَثَ وكان قَدراً امحوهم من تاريخ حياتكم ولن أقول ادعوا لهم بالشفاء
فهم لا يستحقون الدعاء فليعيشوا وليكملوا حياتهم كالأنعام التائهة تهيم
على وجهها لا يفقهون ولا يعقلون ليستمروا بحياتهم عبيد للمال وأحلامهم الوهمية الرخيصة فلن يحدُث يوماً وتتغير أسماؤهم
أو أصلهم فالحوائط والمبانى والجدران تنطق بأسمائهم عندما يمرون عليها
حتى وإن صَمُّوا آذانهم عن النداء
وستبقَى الشياطين تؤزُّهُم أَزَّا
لا علاج ولا مُنقِذ...الدُعاء هُنا وَجَبَ لِمَنْ تَمَّ اغتيالهم وأَذيتهم على أيادي مثل هؤلاء الأشخاص الوصولية الإنتهازية الفاسدة
يوسف السويفي أو محفوظ عجب
إن تَعدَّدت الأسماء وإن اختلفت الأحداث واختلف التاريخ بالنهاية عدل الله قائم
وتلك الشخصيات المريضة يلفظها المجتمع
لا مكان لها وسط الشُرفاء
بالنهاية أُشير إلى أن هذه صور موجودة بحياتنا وأُناس مَرضَى علينا استئصالهم
من كل مكان وكشفهم والتصدي لأفعالهم خاصةً إذا كانت أمراضهم وتحقيق أهدافهم الشخصية على حساب أَذِيِّة غيره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق