الخميس، 12 أكتوبر 2023

الليلة الأولى بعد الألف 1001 ....بقلم - شروق لطيف

 

 


أقدم لكم سلسلتي الأدبية الجديدة من  قصص ألف ليلة وليلة

وها قد عادت شهرزاد لتقص على شهريار المزيد من الحكايات 

فهل ستروق له  وتنجى من سيف مسرور 😁

هيا بنا نستمع لها ونتذكر موسيقاها الخالدة التي علقت في أذهاننا منذ الطفولة ....

الليلة الأولى بعد الألف   1001 



بدأت شهرزاد  القرن الواحد والعشرين بالحديث قائلة : 

بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد 

أنه في قديم الزمان وفي سالف العصر والأوان 

كان هناك ملك عظيم الشان قوي الشوكة والسلطان 

وكانت مملكته في بلاد الرافدين 

حيث ملتقى نهري دجلة والفرات العظيمين 

وتحت إمرته ألوف من الجند والفرسان 

وقصره المنيع يطل على فسيح الجنان 

حجارته من العقيق والمرجان 

وأشجار وارفة بثمار طارحة على الأغصان 

وكان له ابنة وحيدة

لكن شاء القدر ألا تكون سعيدة 

حاول أبوها أن يسعدها بأي شكل كان 

وكيف لا وهي زهرته الوحيدة في البستان 

حاول ادخال السرور الى قلبها بكل وسيلة 

ولم يعد في يده بعد ذلك أية حيلة 

أهداها الذهب والعقيان 

وأثوابا مطرزة بكل الألوان

خز مطرز بالماس والعقيق

وكل رداء من حرير رقيق 

لكنها ظلت في الأشجان 

لا تبسم ولا تجد راحتها إلا في الأحزان 

احتار في أمرها الأطباء 

قالوا مسحورة وهذا هو سر الداء 

احتار أبوها في دائها اللعين 

وكيف لا يحزن وهي قرة العين 

غاليته الأميرة كهرمانة 

التي لميزان حياته نعم الرمانة 

فأعلن منشورا في البلاد

يتلى في كل الأرجاء على سائر العباد

ان من يستطيع أن يجعل ابنته تبتسم 

سيفيض عليه بكل العطايا ووفير النعم 

ويخلع عليه رفيع الألقاب 

ويهبه مختلف النوق والدواب 

ويعينه مع سائر الجنود 

وينفحه بالذهب والنقود 

ويعطيه الأمان والذمام 

فيعيش هانئا على مدى الأيام 

بدأ المنشور ينتشر في البلاد 

حتى وصل كل الوهاد والنجاد

فتبارى الكل في التفكير 

فمن رآه بالهين والآخر بالعسير 

وجاء اليوم المحدد الموعود 

وتوالى توافد الحشود 

فجاء الجميع دون ابطاء 

لتقديم ما استطاعوا اليه سبيلا من عناء 

فتقدم من بينهم فارس همام 

على صهوة جواده المقدام 

قدم عروضا في الفروسية ولا في الأحلام 

وشهر سيفه قائلا

فداك أنا وفي خدمتك يابنة الكرام 

لكنها اومأت برأسها بلا اهتمام 

ولم يخفف ما رأته ما بداخلها من أوهام 

ولا برأت من عظيم سقام 

ثم جاء بعده من يسمى بالبهلوان 

قدم عروضا من شتى الألوان 

فكم أضحك أناسا على مر الزمان 

وكان متأكدا أنه سيفوز بالرهان 

من كثرة ما قدم ومن بعد طول مران 

فأعد لذلك فقرات المهرجان 

وأتى من الحركات مالم يؤته من قبله إنس ولا جان 

ضحك الجميع بل وضج بالضحك المكان 

وظل التجهم على وجه الأميرة هو العنوان 

فلم تبتسم  ذات العود الريان 

جاء ثالث وعزف أمامها بالكمان 

وصدح بعزفه أحلى الألحان

وتغنت على شدوه العصافير فوق الاغصان 

ومازال قلب الأميرة للفرح  ظمآن 

جاء رابع من صنعة التماثيل 

سبك لها تمثالا بقد جميل 

من المرمر اللامع بخد أسيل 

يشابهها وأتقن في صناعته النقل والتمثيل 

ولكن أيضا لم يعرف الفرح الى قلبها السبيل 

والخامس كان ترزيا يحيك بمهارة 

تفنن بصنع ثوبا قشيبا بكل جدارة 

رصعه بكل فص من عقيق 

فأصبح ثوبا للأميرات بالحق يليق 

تمنت أن ترتديه كل الفتيات 

يتخايلن به في كل الغدوات 

أما الأميرة فيبدو أن الفرح في قلبها قد مات 

تقدم واحد تلو الآخر 

ولم يستطع أحد أن يكون لحزنها بالقاهر 

فيئس السلطان من شديد الامتحان 

ولم يعد ادخال السرور لقلبها بالإمكان 

فرفع قلبه بالدعاء للرحمن 

حتى يفرح قلب كهرمانة ودرة الزمان ...... 

وفي يوم ذهبت كهرمانة للنهر للاستحمام 

ومعها الوصيفات بكل طاعة واحترام 

الجو لطيف ويسمع فيه صوت ترنم الحمام 

ومازال قلبها الكسير يخيم عليه الغمام 

وفجأة سمعت صوت شاد من بعيد

وكأنها لأشجان دفينة بدأت في مخيلتها تستعيد 

ولكنها أنصتت لشدوه وما قال 

فاستكانت نفسها وارتاح  البال 

إذ  سمعته ينشد في جميل مقال  : 

فقير أنا لا أملك المال ولا العبيد

ولست بالغني إنما  اسمي سعيد

لا أملك من الذهب ولا العقيق 

كي أصيغه لك في عقد فريد 

عصفور أنا  في كل بلد رحال

جئت لألقاك   من أفق بعيد 

لكني سمعت  انك حزينة 

يا ليتني لابتسامتك أعيد 

فيوم أن تتبسمي 

سيكون لي هذا أحلى عيد .........

تفاجأت الأميرة بحلو الكلام

لم تقع عليه أعينها مما قرأت من مختلف الأقلام 

فأرسلت لهذا الشاب  من الحاشية الرجال

يتسائلون عن هويته وكيف حط به الرحال

فاجتمعوا حوله محتشدين 

وعن اسمه وعمله متسائلين 

فقال تاجر  بسيط أنا من بعيد البلاد

رجل عادي مثل باقي العباد 

طالب للرزق في مدينة العز بغداد 

لما عرفت شهرتها في التجارة 

فسعيت طلبا للرزق بكل جسارة 

وأثناء دخولي للمدينة 

رأيت منشورا على اسوارها الحصينة 

وسمعت المنادي على الأبواب 

يصيح بصوت جهوري على الأعتاب 

ويحمل في يده منشورا 

وصوته في قراءته كان جهورا 

يدعو الجميع لإسعاد الأميرة 

ومن ينجح سيحظى حظوة كبيرة 

ولكني لم أهتم بالمال ولا الجياد 

ولم اطمع في الحصول لتلك الأبعاد

ما راقني هو طلعة الاميرة الخلابة 

وهالني لما رأيته على محياها من كآبة 

فكانت تشبه بدر البدور 

والقمر إذا ما في الفلك يدور 

فخلبت لبي من ساعتها 

وسحر فؤادي بجميل طلتها

لكني عدت وقلت أين انت يا صعلوك 

كيف تجرؤ لتحاول أن تسعد بنت الملوك 

ماذا لديك لتقدم لها

والشرفاء والنبلاء تطلب ودها 

كيف تقدم لها شيئا يروق 

أليس فقرك لأحلامك يعيق؟!

قم استفق من الأحلام 

فإنها بالحري ليست سوى بضعة أوهام 

وأنا من ساعتها من جمالها مبهور 

أتغنى بحبها ليل نهار كالمسحور 

وهذا مايسري عني حتى  وقت السحور

أسرت الأميرة بحلو الكلام

عندما استرقت سمعها عبر الآكام 

وجعلت فرسانها من الرجال

أن يحضروه اليها في الحال

فبهت لما رأى نفسه في محضرها 

ولا يدري أن سحر كلامه قد أبهرها 

فنظر اليها نظرة وله وغرام

وكأنه بمرآها قد نال المرام 

أما هي فرمش عينه لها أصاب 

في فؤادها وعرف ما به من وصاب 

شعرت بوجد من أليم المصاب 

وهل المرء حين يحب  يعاب؟!

وجدت نفسها بسعيد مبهورة 

ومن شدة اعجابها بكلامه باتت مسحورة 

وأخذ يبتسم لها بحلو الابتسام 

وكم تغني الابتسامة عن كثرة الكلام 

وتوشي بما في القلب من آلام 

ثم فاضت من عينه دمعة حنان

من فيض وجده وشدة الامتنان 

حيث لما رآها رؤية العيان

شعر أنه في وارف الجنان 

وان مات شهيدا في حبها 

سيكون في غاية الرضا والاطمئنان 

حيث رأى أجمل ما خلق الرحمن 

وشعرت هي الأخرى بسعادة غامرة

لم تشعر بها عبر السنين الغابرة 

فطفقت من عينيها دمعة الحيران 

فتلألات كنجمة شديدة اللمعان 

وقلبها أصبح في شدة الخفقان 

واحمرت وجنتاها بلون ورد الجنان 

وشعرت فجأة برغبة في الابتسام 

وقالت معقولة ؟! سبحان!!!

وبالفعل علا وجهها الابتسام 

بلا أي تكلف في الارتسام 

وتبسمت أخيرا كباقي الأنام 

وهكذا استطاع سعيد ان يقضي الوطر 

مما ترك في نفسها من جميل الأثر 

وذهل السلطان لما رأى الابتسامة على ثغرها 

والفرحة التي طال انتظارها 

وشكر سعيد المقدام 

ورفعت في بغداد الأعلام 

وانتشر الخبر السعيد بهمس الكلام 

ودقت الطبول 

كصوت زخات المطر في الهطول

يوم زفاف الأميرة كهرمانة 

بعدما طلب يدها سعيد بكل الود والأمانة 

ومن ساعتها لم يفارقها الابتسام 

وعمت بغداد الافراح والسلام 

وعاش الحبيبان بكل هناء 

بعد ليل طويل أشرق الفجر بالبهاء 

وهنا صاح ديك الصباح 

ولما تأكدت شهرزاد أن نور الفجر لاح

سكتت عن الكلام المبااااح 

وتثاءبت وقالت مولاااااي 

الصباح ربااااح ...........

والى اللقاء مع ليلة سعيدة من ليالي الألفية الجديدة  .....


Shorouk Latif




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بلال صبري يعلن موعد عرض "أوراق التاروت" في يناير المقبل بمشاركة رانيا يوسف وسمية الخشاب ومي سليم

  أكد المنتج بلال صبري أن فيلمه المنتظر "أوراق التاروت" سيُعرض في 10 يناير المقبل، مُشيدًا بأداء طاقم العمل المميز الذي يضم كوكبة ...