بقلم/ دكتور قاسم ذكى أحمد
بالأصالة عن نفسي وبالإنابة عن اللجنة الوطنية للعلوم الوراثية (أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، مصر) ننعي بمزيد من الحزن والأسى وفاة العالمة الدكتورة سامية التمتامي (عضو اللجنة الوطنية لعلوم الوراثة) وابنة المركز القومي للبحوث، والتى وافتها المنية صبيحة اليوم الثلاثاء اول يونيو 2021م.
ولقد شرفت بمزاملتها فى اعمال اللجنة الوطنية للعلوم الوراثية لقرابة ثلاث سنوات، واخر نشاط للفقيدة معنا اعدادها وتنفيذها مع اعضاء اللجنة ندوة علمية عالمية (التصويب الجينومي) فى 25 مارس 2021م، ولقد راجعت وبكل دفة التقرير الفني للندوة والذى قمت مكلفا من اللجنة بإعداده. واشهد لها بالتواضع الجم والدقة العلمية والسماحة والتعاون والمحبة للجميع، رغم قيمتها وقامتها العلمية العالمية.
فالأستاذة الدكتورة سامية التمتامي أول باحثة عربية تحصل على دكتوراه في علم الوراثة البشرية عام 1966، وأسست شعبة للوراثة البشرية في المركز القومي للبحوث بمصر تضم أكثر من مئة باحث مصري من خيرة علماء الوراثة البشرية بمصر والعالم العربي، واكتشفت هى وفريقها أكثر من أربعين مرضاً وراثياً مسجلاً باسمها في المراجع العالمية. (تُعرف بـ Timtamy Syndrome.).
ولدت في مدينة دمنهور في محافظة البحيرة.، والتحقت بكلية الطب بجامعة القاهرة، وتخرّجت فيها سنة 1957 بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف الأولى وكانت الأولى على الطبيبات الإناث، وعملت بعد ذلك في مستشفى أطفال جامعة القاهرة، مستشفى أبو الريش، ثم حصلت على دبلوم طب الأطفال وكانت الأولى على الدفعة. تزوجت من زميلها الطبيب مصطفى رأفت محمود، وسافرا عام 1961 لدراسة الدكتوراه في أمريكا. (جامعة جونز هوبكنز ببالتيمور في ميريلاند). وعملت تحت إشراف البروفسور فكتور مكيوزيك رائد الوراثة البشرية. وقدمت رسالة الدكتوراة في مجلدين ضخمين، طوّرتها بعد ذلك في مرجع، أعيد طبعه ثلاث مرات حتى الآن. وقررت بعدها العودة إلى مصر سنة 1966 رغم عدة عروض أمريكية مغرية. ولتؤسس عام 1977 قسم الوراثة البشرية بالمركز القومي للبحوث. وفي ثلاثين سنة، تمكنت من تحويل هذا القسم الصغير للوراثة البشرية إلى شعبة للوراثة البشرية تضم اليوم سبعة أقسام فيها أكثر من مئة باحث، وأشرفت على ستين رسالة دكتوراه وخمسين رسالة ماجستير، وانتجت عشرات من الابحاث العلمية الرصينة المنشورة فى كبريات الدوريات العلمية.
وتعد دكتورة سامية ومن رواد علم الوراثة البشرية حول العالم، وصاحبة أكبر مدرسة علمية فى مجال الوراثة البشرية وأبحاث الجينوم بالعالم العربي وأفريقيا . لذا تم تكريمها من قبل الدولة بمنحها جائزة النيل والدولة التقديرية والعديد من الأنواط والأوسمة وتم اختيارها ضمن أكثر 50 شخصية مؤثرة عام 2017، وكان آخر أعمالها مشاركتها كعضو فى مجلس برنامج الجينوم المرجعى للمصريين وقدماء المصريين بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا، والذى اعتمده الرئيس عبد الفتاح السيسى مشروعا قوميا فى الأول من مارس 2021.
ولقد اسرت لى بأملها ان ترى جميع كليات الطب المصرية وقد زينت بقسم للوراثة البشرية للنهوض بهذا الفرع على مستوي مصر والعالم العربي.
رحم الله الفقيدة واسكنها فسيح جناته والهم اهلها وذويها وزملائها وتلامذتها الصبر والسلوان.
بحق كانت عالمه وانسانة لابعد حد، رحمها الله رحمة واسعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق