ليلى عبدلاوي المغرب 🇲🇦
عند الأصيل،وهديرالأمواج يختلط بنقنقة النوارس ،لمحته زينب يمرق من باب الحديقة .
دخل البيت كعادته يسبقه صوته المرتفع، تأخرت قليلا في فتح الباب لأنها لم تجد فردة الحذاء، كانت مقلوبة تحت الأريكة.
دخل يحمل في يده
زجاجة النبيذ وهو يسب ويلعن..
انقبض صدرها كالعادة...قصدت المطبخ....انهمكت تعد الطعام..الألم بين
جوانحها يزيد يوما عن يوم.
لم تكن تجد سوى الصمت تقابل به صراخه،كان كالثور يهيج لأتفه الأسباب.. كان في فظاظته اليومية
متخذا إياها فريسة يصب عليها جام غضبه..
عقده المتراكمة..وخيبة أمله في حياة كان ينتظر منها الكثير...
تعثره الدراسي وفشله في الحصول على وظيفة محترمة..كل ذلك حوله إلى إنسان آخر..والعجب أنه لم يكن يشعر بأثر كل ذلك على نفسيتها المرهفة.
من وراء النوافذ شبه المغلقة،تتسرب أخبارها وجبة لذيذة تتقاسمها الأفواه
في مواعيد الطعام.
توالت الشتائم..سمعت الأبواب تصطك..وقطع الأثاث ترتطم لم ترد..ولم تحتج...
لم تكن تلك هي المرة الأولى التي تقابل شتائمه ووعيده بالصمت.
طالما سمعت أن الزواج مودة ورحمة،تضحية ونكرانا للذات،لكنها أدركت سريعا أنها معان
تغيب عن هذا البيت.
ساعات من الصمت،ثم لا تلبث أن تسامح، وتعفو وتتعايش مع النصيب،
من أجل عيون بريئة تجتهد لتستكمل رحلتها نحو بر الأمان.
لكنها تستدير،الأغراض في البيت آخذة في الاختفاء..
"وماذا بعد؟ هل تختفي هذه الأشياء فعلا أم إنك تلجين رويدا رويدا عالما
أسود ؟ رباه!..هل هو المصير الذي يهون أمامه الموت ألف مرة..؟"
سمعت حركة داخل غرفة الإبن الأكبر،هل تخلف اليوم عن محاضراته؟
تعجبت،لم يسبق له أن فعلها،الامتحانات النهائية على الأبواب.
طرقت باب الغرفة.الشاب الوسيم ممدد على سريره وكلتا يديه على رأسه،
تطلع إليها بوجه شاحب وعينين دامعتين.
راعها الظلام المنبعث من الخزانة التي تضم الملابس وكتب الطب،
الأبواب الأربعة مفتوحة على مصاريعها...تطلعت إليه متسائلة..
نهض الإبن من مكانه،قصد باب الدار،صك أذنيها صوته وهو يغلق بشدة...
الساعة تشير إلى السادسة صباحا. اتجهت زينب إلى النافذة بعد ليلة بيضاء..فتحتها..لا وجود للنور،أين اختفت الشمس؟
حاولت أن تنادي أحدا، لا أحياء في الحي،المدينة تجمدت بمن فيها، وتحول
السكان تماثيل خرساء،شيء ما تمزق،تحاول أن تصرخ ،يخذلها الصوت،
حبال صوتها ملجمة.
عادت إلى مكانها تعلل نفسها أن ما تعيشه حالة مؤقتة، أخذت دموعها
تنهمر في سكون،تحولت إلى نحيب متقطع،فعويل يشق الجدران.
خرجت ..تشعر أن لا سيطرة لها على قدميها،تجري،تجري.. دون توقف .
عند أصيل اليوم التالي، اتجه صياد القرية المطلة على البحر إلى مخفر حراسة الميناء حاملا في يده حذاء نسويا ،وحقيبة يد تحتضن أوراقا رسمية
ومبلغا زهيدا من مال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق