في رحيل المبدع إحسان المنذر صفحة مشرقة طويت في عالم الفن النظيف
#صباح: " المعلم ومبدع"
#ماجدة الرومي :" يا وجع قلبي"
بقلم // جهاد أيوب
ليس مهماً كيف مات، ولا يعني أن أعرف عمره، ولا كيف بدأ الدكتور الموسيقار الإنسان المتواضع المميز إحسان المنذر...ما اوجعني خبر رحيل صديقي إحسان المنذر منذ قليل...
استغربت عدم اتصاله بي منذ أكثر من عشرين يوماً، ولم اتطفل لأعرف السبب لكثافة ما نعانيه في بلد الصعاب لبنان، والمنطقة العربية المتعبة، أصبح همنا أن نعيش يومنا بيومنا، دون أن نقوم بفعل واجباتنا...هذا نحن نعيش لحظات وجودنا ولا ندي بأننا نعيش، حياتنا تكملة عدد!
إحسان المنذر حاصد جوائز القلوب إن تعرفت عليه شخصياً لا تفارقه، ولا تحاول أن تضايقه، هو لا يجرح، يتكلم بهدوء، يعطي رأيه باحترام، يزرع الأشجار المثمرة من حولك، ولا يتركك تنتظر، يهمس محبة، وسرعة بديهة بالنكتة، وخفة دم، ولا يؤمن بالحقد على غيره رغم ما تعرض له من خناجر بعض أهل الفن وما شابه ممن ساعدهم حتى صعدوا الضوء!
يخبرك بانزعاجه، يقول رأيه دون مراوبه بترتيب افكاره، ويحط النقاط على الحروف غاية منه كي نصحح الخطأ، ويصححه معنا...
إحسان المنذر الفنان النظيف فعلاً وابداعاً، وصديقي الغالي، وأول من فتح قلبه وعاطفته، ودار إبداعاته لنا دون شروط، ودون جميل، هو الحبيب الذي نجده دائماً، وهو الجاهز لتلبية أي لقاء إذا وقعنا في إشكالية الضيوف وبسرعة، وهو الحاضر دائماً إذا سألته أي سؤال، وهو المتواضع الخلوق الذي قالت عنه امبراطورية الفن صباح:" إحسان المنذر هو معلم حقيقي، ومبدع يتميز بنغمته الجميلة، والمخلص، والأمين، والطفل الباسم، يحافض على أسرته حتى الرمق الاخير، والوفي في كل شيء...حينما يسافر معي أشعر بأمان".
بعد كلام الاسطورة صباح يسكت كل الكلام المباح، ولكن يبقى أن نكتب ما نحن نشعر به خلال صداقتنا مع هذا الكبير من لبنان.
الفنان إحسان المنذر لا يجاريه أحد في تجربته الموسيقية، وحينما حضر إلى لبنان كان الكبير الياس الرحباني طاغياً في موسيقاه الرائعة، والتنافس على أشده وصعب المنال فاستطاع إحسان أن يخاطب جيل الشباب الذي أخذ بالابتعاد عن الموسيقى والغناء الكلاسيكي العربي، ويحتاج إلى جديد بالروح وبالشكل والمضمون، وكان أن حضر إحسان، وبدأ يأخذ مساحة من ذهب، ويطل عبر برامج المخرج سيمون اسمر، وشاشات لبنانية، وأصوات شبابية خاصة راغب علامة، ومن ثم ماجدة الرومي بمنتصف طريق انتشارها حيث تعاون معها، وكانت الأغنية الأجمل " كلمات"...وأصوات كثيرة...
هو مؤلف موسيقي بامتياز، وعازف بتميز، ورئيس فرقة موسيقية بأستذة، ومؤدي بأكثر من لغة خاصة الايطالية، وهو يعود إليه الفضل الأول في جذب الشباب إلى موسيقى حديثة مع كلمات ناعمة بعد أن هاجر هذا الشباب إلى الموسيقى الغربية في فترة زمنية محددة أوائل الثمانينات!
هو الصديق الذي تتكل عليه، وسيد الذوق والمجاملات في زرع المحبة بين الاصدقاء، والحاسم لا يجامل في الفن، وهو يحترم رأي من يؤمن بهم، ولا يعيش عقدة الغرور وأنا أو لا احد...وكم من مرة أخذ رأينا بمقطوعة فنية، وصمت، وراقب، ووافقنا الرأي.
إضافة إلى التلحين والعزف والغناء قدم إحسان المنذر البرامج الفنية الأهم في الوطن العربي، واليوم غالبية ما يقدم يقلده في المضمون والشكل والهدف.
في كل لقاء، اتصال، حوار كان همه وطنه لبنان، ادعوكم بالدخلوا إلى حسابه عبر الفيس بوك، وتصالحوا مع صرخاته حول وطنه المفقود، يكتب دون مجاملات، يضع الأمور في نصابها...وللأسف رحل و الزمر الفاسدة زادت في نهب الوطن، ورحل دون أن يلتمس محاسبة الفاسدين في الوطن...
كبار الكبار غنوا من ألحانه على رأسهم الاسطورة صباح، ومع صباح كان له حكايات، واسرار، وصداقة من ذهب، ودائماً يقول:" صباح ليست كغيرها، ولا تعرف الخيانة والغدر"!
نعم قدم الكثير للعديد من الفنانين، وحصد في آخر أيامه الجحود، وهو لم يكن يقول هذا، ولكننا كنا ندرك ذلك دون أي جهد!
إحسان المنذر 75عاماً تليق بك، وما قدمته في دنيا النغم مدرسة تليق بالوطن وبالاجيال المقبلة، وما زرعته من محبة ورعيته دون غرور أو ملل هو ما سينير دربك الجديد، والأهم إيمانك بالرحمن كان كالشمس، وهذا معطفك الثابت...
لقد خسرنا معنى عمق الصداقة النظيفة دون غاية في رحيل هذه القامة الاجتماعية الخلاقة إحسان المنذر...
إحسان المنذر مرحلة مهمة في عالم الموسيقى العربية واللبنانية تستحق أن نقف عندها، ومع رحيل هذا الموسيقار الإنسان المجدد والكبير طويت صفحة مشرقة من إبداعات بلد التميز لبنان، على أمل أن نعرف تكريمه، واستثماره واستذكاره!
وقد يكون كلام السيدة ماجدة الرومي خير تعبير نختم به حينما اتصلت بها كي اعزيها، فقالت:" يا وجع قلبي على هل الكبير يللي خسرناه".
بقلم الإعلامي والناقد جهاد أيوب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق